الجمعة، أبريل 13، 2012

عبد الناصر - مازال هنا


يخطئ من يحاسب عبدالناصر بمعايير سياسية نظرية عن الديمقراطية وتداول السلطة فقد كان الرجل ثائرًا منذ الثورة حتي استشهاده علي جبهات القتال.
في حوار نادر بين عبدالناصر وكامل الشناوي عبدالناصر يقول: أتمني أن يعرف الناس أننا صادقون.. والشناوي يرد: بل صنعتم مجدًا لن يمحوه الزمان.
- الموساد الإسرائيلي يعترف أخيرًا: أرسلنا عملاءنا إلي اليمن لاجهاض محاولة عبدالناصر تحرير اليمن فقد كان الحدث كارثة علينا!.
- لماذا رفض عبدالناصر بعد 67 عقد اتفاق سلام مع إسرائيل؟..
هل كان يري ما نحن فيه الآن.. قوة مطلقة لإسرائيل وهزيمة مطلقة للعرب؟
لا حديث في مصر الآن سوي عن 'الديمقراطية' .. الكل يطالب بها باعتبارها الحل السحري لكل مشاكل مصر المزمنة وأزماتها التي هدت حيلها وحيل شعبها وهوت بمكانتها إلي هوة سحيقة.. وإلي جانب الديمقراطية هناك أيضا 'تداول السلطة' و'حرية تكوين الأحزاب' و'حرية اصدار الصحف' إلي آخر قائمة المطالب التي تبدو وكأنها الخلاص الوحيد والذي ضاع وسط المطالبة بها ما هو أهم.. قيمة الفرد وسحر البطل وعبقرية الرجل الذي تتجمع فيه أحلام أمة محبطة مهزومة.
الحديث عن 'الديمقراطية' شيء سهل جدًا.. وإعلان الرغبة في ضرورة 'الإصلاح السياسي' أسهل مما يتخيل أحد لكن سعي البطل ورجل التاريخ لأن يغير مجتمعًا طال ركوده ويهز دعائم طالما استقرت هو ما ينقل المجتمعات إلي أفق آخر ويفتح المجال لمستقبل جديد ويحدث هذا غالبًا حينما يكون اليأس قد استبد بالجميع وتعودت الأحزاب والنخب الهائمة علي المطالبة بالإصلاح حتي تفقد الكلمات معانيها والجمل بريقها والقضايا الكبيرة حرارتها وروحها الكامنة!
.نحن الآن في منتصف شهر يناير أي في ذكري ميلاد جمال عبدالناصر وهو الرجل الذي تستدعي ذكري ميلاده ووفاته في كل عام كتابات كثيرة وحنينًا لدي البعض وهجومًا شرسًا من البعض الآخر ممن يعتبرون الرجل وتاريخه عقبة رئيسية أمام التمهيد أكثر لما هو حاصل والامتداد إلي قاع بلا قرار من الغيبوبة السياسية التي تحياها مصر التي أصبحت تلعب دور 'الوسيط' بين إسرائيل وفلسطين ودور 'راعي السلام' الذي نري آثاره حولنا في كل مكان.. قتلاً وتخريبًا واسقاطًا لعواصم عربية وتدخلاً سافرًا في شئون الجميع!
إن الكتابة عن 'جمال عبدالناصر' في يوم ميلاده يمكن أن تكون 'مرافعة' بليغة عن انجازاته ومشروعه السياسي تنفي عنه الأخطاء وهذا ما لا أقصده.. ويمكن أن تكون سردًا لمحطات في حياته وهذا يمكن أن يكون جزءًا من سياق آخر تمامًا هو ما أقصده.. إنه الحديث عن جمال عبدالناصر إلي أجيال جديدة تعيش في مصر وقد اختلطت عليها الأمور وتاهت عنها قيمة وطن تعيش فيه دون أن تدرك أنه كبير بماضيه صغير متضائل بحاضره هو المقصد والغاية خاصة أن من نتحدث عنه ثار وتولي الحكم وهز الدنيا وخاض معارك ضارية لم يلق خلالها سلاحه ومات في سن صغيرة بعد أن ترك آثارًا لا يمكن أن تمحي في مصائر مصر وصراعاتها وأقدارها المحوطة دائمًا بقوي شرسة متربصة تعرف قيمة هذا البلد أكثر - في أحيان كثيرة - ممن يتولون أمورها وكأنها دويلة صغيرة تستدين في الاقتصاد وتتسول في السياسة وتتجنب خوض أي صراع حتي - لو كان العدو واضحًا حتي للعميان!
ولد جمال عبدالناصر في 15 يناير عام 1918 في حي باكوس الشعبي بالإسكندرية وهو الابن الأكبر لعبدالناصر حسين الذي ولد في عام 1888 في قرية بني مر في صعيد مصر، وتنقل طفلاً ثم شابًا بين القاهرة والإسكندرية لاتمام مراحل تعليمه الابتدائي والثانوي، وفي سن 12 عامًا وبالتحديد عام 1930 كان الطفل الذي توفيت أمه مبكرًا وعاش بعيداً عن كنف والده حيث أقام عند عمه خليل حسين في حي الجمالية لمدة ثلاث سنوات والذي عرف بين أقرانه بأنه بالغ الذكاء لكنه صموت يرقب الدنيا من حوله.
كان هذا الصبي يشاهد ويعرف معني أن يعيش في بلد 'محتل' فقد صحا المصريون في هذا العام علي مرسوم ملكي بإلغاء دستور 23 وكان صاحب شرف الإعلان عن المرسوم رئيس الوزراء آنذاك إسماعيل صدقي الذي فوجئ الصبي وهو يحاول أن يعرف شيئًا عنه بأنه كان أحد ثوار ثورة 1919.. وعندما ثار الطلبة انضم إليهم الصبي فوجد هراوات البوليس تسحق الأجساد الغضة بلا رحمة!
وعندما التحق بالكلية الحربية بعد ذلك كان يتذكر هذا المشهد كثيرًا ويرقب فوضي السياسية وصغار الأحزاب وانحدار الوفد أكثر وتحالفات الإخوان السرية المستمرة مع الملك أحيانًا وضد الملك أحيانًا، وتكشف رسائل عبدالناصر لصديقه حسن النشار في هذه المرحلة عن السمة الرئيسية في شخصيته والتي لم تفارقه حتي وفاته.. إنه 'ثائر' فهو يقول له في وضوح شديد 'أين من يقلب الأمور رأسًا علي عقب؟' ويصرح له في بعض الرسائل بأنه يعاني مشكلة في الجيش بسبب صراحته الشديدة وأنه كما يقول أهل الصعيد 'رجل دوغري' بينما كان معظم الضباط 'عديمي الموهبة والكفاءة وفاسدين'.
في الكلية الحربية ظهر هذا الملمح أكثر وأوضح في شخصية عبدالناصر ولعل أحدًا لم يلاحظ أن قائمة الكتب التي قرأها عبدالناصر أثناء دراسته بالكلية وحتي قبلها في الثانوية كانت عن شخصيات أكثر من كونها كتبًا حول نظريات وأفكار مجردة من التي تهيم فيها الشعوب وتترك مصائرها لمن بيدهم قوة الفعل.
قرأ عبدالناصر عن 'نابليون' و'غاندي' و'فولتير' و'بسمارك' و'جاليباردي' وتركزت دراسته في علم 'الاستراتيجية' والتهم كتابات 'كلاوزفيتز' عن الحرب والعلاقة بين السلاح والسياسة.. وعندما وقعت حادثة 4 فبراير 1942 التي تمت فيها محاصرة قصر الملك فاروق بالدبابات واجباره تحت تهديد السلاح علي الاتيان بمصطفي النحاس رئيسًا للوزارة تكشف مراسلات عبدالناصر أيضا عن رجل لم يتحدث عن الحياة الحزبية وضرورة الديمقراطية بل رجل يري لغة القوة تفرض علي ملك. هذا الموقف المزري. وكتب عبدالناصر 'الحقيقة أنني أعتقد أن الانجليز كانوا يلعبون بورقة واحدة في يدهم بغرض التهديد فقط، ولكن لو كانوا أحسوا أن بعض المصريين ينوون التضحية بدمائهم ويقابلون القوة بالقوة لانسحبوا كإمرأة من العاهرات'. نفس هذه التعبيرات الغاضبة تكررت بصورة أقسي وهو في ميادين القتال في فلسطين عندما كان يري أبشع جرائم الاحتلال في تاريخ البشرية تتم وسط تواطؤ وخيانات وأسلحة فاسدة. 'أنا شديد الاستياء من ضباط الفوتيلات ومحاربي المكاتب الذين لم تكن لهم أي فكرة عن ميادين القتال أو عن آلام المقاتلين'. وقد عادت هذه الجيوش العربية من هذه الحرب مهزومة وقد تمكنت عصابات يهودية من هزيمتهم واقرار أمر واقع بينما عاد عبدالناصر مثخنًا بجراح معارك شرسة خاضها في الفالوجة وأثبت فيها جسارة هائلة وبقناعة ثابتة أن مصر والعالم العربي في مواجهة كارثة اسمها إسرائيل وكارثة أخري هي العروش العربية المتداعية والتي تحتاج إلي مصر أخري لا يصلح معها الملك وحاشيته ممن لا تؤهلهم قدراتهم لإدارة أي صراع مع إسرائيل فغاية الأمر مؤامرات في القصر وشراء لرجال الأحزاب ودور متعاظم لرجال فاروق الأجانب مدمني المقامرة في الحياة والألاعيب الصغيرة في السياسية.
في هذه السنوات بعد حرب 48 كانت مصر حبلي بالتغيير وكانت كل الأشياء تتداعي.. ولا يمكن انكار أن حزب مصر الفتاة لعب دورًا مهمًا في الهجوم علي نظام الملك فاروق وأن بعض اليساريين النبلاء لعبوا دورًا حتي بعض الإخوان لكن رجلاً واحدًا كان هو الذي يستشرف ويخطط وتقود روحه الصارمة النبيلة تنظيمًا داخل الجيش لإيمانه أن القوة هي التي تغير المعادلات وتجبر أي فاسد علي إنهاء رحلة فساده الممتدة. لعبت بالطبع انتخابات نادي ضباط الجيش دورًا في اظهار أن 'جيش الملك' لم يعد يدين له بالولاء فقد قدم فاروق حسين سري عامر مرشحًا للسراي في هذه الانتخابات وقدم الضباط الأحرار محمد نجيب وفاز نجيب، لكن الملك قرر إلغاء الانتخابات وإعادتها وظلت الأحوال تتدهور حتي وصلت ذروتها بحريق القاهرة في 26 يناير 1952 بعد اندلاع المظاهرات في القاهرة احتجاجًا علي مذبحة رجال البوليس بالإسماعيلية التي ارتكبتها القوات العسكرية البريطانية التي قتل فيها 46 شرطيًا وقد أشعلت الجموع الغاضبة القاهرة ولم تتخذ السلطات أي إجراء إلا بعد أن دمرت النيران 400 مبني وتركت 12 ألف شخص بلا مأوي.
بعد قيام الثورة كان في الصورة إلي جانب جمال عبدالناصر محمد نجيب والإخوان وبقايا الأحزاب.. الكل يعتبر نفسه صاحب الثورة،. والحقيقة أن 'المثقفين' لعبوا دورًا بارزًا في مطالبة الثورة بإجراءات 'عنيفة' تقضي علي كل آثار العهد البائد ولعل جماعة الإخوان تذكر سلسلة مقالات لسيد قطب حملت كلها علي 'الديمقراطية' و'الأحزاب' وطالب فيها بالضرب بقسوة وبلا رحمة أو هوادة وتداعت الأحداث في صراع 'سياسي' انتهي نهاية طبيعية بأن يتولي من قاد الثورة مسئولية الحكم.. صحيح أنه بعد ذلك تحدث الإخوان عن عدم ديمقراطية عبدالناصر وتحدث نجيب عن دوره كصانع للثورة.. لكن القراءة الدقيقة لمجمل الصراع تقول إن عبدالناصر قد قام بما هو طبيعي وإنساني وسياسي.. وهنا تبدو مشكلة لدي بعض المدافعين عن عبدالناصر بالغرق في تفصيلات كثيرة ظني أنها لا تحتاج لمئات الكتب والدراسات.. فببساطة كان عبدالناصر هو الأقوي والأقدر.. إنه الرجل الذي صنع الحدث الكبير.. ولم يكن من نازعوه الحكم يستحقون بالمرة أن يترك لهم الحكم فلا هم تحملوا مخاطر كالتي تحملها ولا هم يمتلكون قدراته السياسية الكبيرة كـ'ثائر' يقود ثورة بعد أن شبعت مصر من ألاعيب الوفد مع الملك وصفقات الإخوان وانقلابات أحمد حسين المتوالية علي أفكاره. وعندما أصبح عبدالناصر رئيسًا للبلاد في 24 يونيو 56 كان يمكنه أن يعيش في مجد أنه 'الشاب' الذي أخرج الاحتلال من بلاده ثم تتحول مصر إلي ملكية جديدة تائهة.. لكن قيمة عبدالناصر أنه لم يكن سوي 'ثائر' رجل غاضب رأي بلاده محتلة منتهكة.. ورأي ملايين الفقراء ورأي 'إسرائيل' أمامه وفي مواجهته كخطر داهم بلا حدود علي مصر والأمة العربية.. ولم يخدع عبدالناصر أحدًا.. وربما كانت كلمات مثل 'الديمقراطية' و'تداول السلطة' و'حرية تكوين الأحزاب' لم ترد في قاموسه السياسي إلا نادرًا.. ربما لأنه كان يدرك أن التغيير الكبير صعب في ذاته وأصعب في مواجهة قوي استعمارية متربصة وقوي قديمة مرتبطة بهذا الاستعمار وكانت متوثبة للعودة من جديد.. وفي حوار نادر أجراه عبدالناصر مع كامل الشناوي في 30/5/1956 كان عبدالناصر مدركًا بصورة مبكرة جدا أن قوي الهدم والتخريب كامنة وتستعد بعد سنة أو عشرين سنة للانتقام من بلد قرر الثورة.. ودار الحوار بين عبدالناصر وكامل الشناوي كالتالي:
- عبدالناصر: لقد أثبتت الحوادث أننا كنا صادقين وأننا استطعنا أن نفعل لبلادنا شيئًا.
- كامل الشناوي: بل صنعتم مجدًا.
- عبدالناصر: إن ما عرفته الثورة من أعمال يحتمل ألا يبقي ما لم يكن هناك مجتمع سليم يحمي هذه الأعمال ويحرص عليها ويدافع عنها ولا يقف منها موقف المتفرج.
سيقول أحد السفهاء إذن كان ينبغي علي عبدالناصر اشراك الشعب في إدارة أمور بلده حتي يحمي منجزات الثورة وبالتأكيد لم يكن هذا ممكنًا والحياة السياسية مترعة ببقايا عهد فاسد تمامًا.. والمصريون شبه عراة شبه جوعي ومرضي بلا تعليم ولا حول ولا قوة باستثناء بعض النخب في القاهرة والإسكندرية ممن كانت ولاتزال تبكي علي العهد الليبرالي العظيم قبل يوليو..
من هنا بدأ عبدالناصر مشروعاته القومية الكبري في الصناعة ومجانية التعليم وفي تسليح الجيش وعندما خاض معركة تأميم القناة كان يعلن وبقوة منطق 'الثائر' وليس ركاكة وضعف السياسي الذي اكتوت مصر بنيرانه قبل الثورة حتي الآن كان عبدالناصر صادقًا وهو يري أن الحل الأفضل أن يستخدم قدرته الكبيرة في حشد المصريين والعرب خلف مشروعه السياسي القائم علي الاستقلال والعداء المطلق لإسرائيل.. وبمراجعة خطابات عبدالناصر نجد الرجل شديد الوضوح بحيث إن أكثر الكلمات كانت ترددًا علي لسانه عبارات مثل 'تكتيل جهود الشعب'، 'تجنيب مصر ويلات الخلافات التي قاسينا منها'، 'الخلافات والضغائن والمصالح الشخصية هي التي أضاعت ثورة 19 ومكنت الاحتلال من البقاء'، 'إننا نريد ونستطيع أن نركز أعمالنا واهتمامنا في تحقيق الأهداف الكبري للثورة وفي مقدمتها الاستقلال التام والبناء الاقتصادي السليم'.. والقراءة السريعة والمعمقة لمجمل اختيارات عبدالناصر تؤكد شرفه وصدقه وكفاحه في سبيل إقامة دولة قوية في عالم لا يعرف سوي لغة القوة والعنف..
وعندما خاض عبدالناصر معاركه من معركة الوحدة مع سوريا إلي معركة مساندة اليمن من أجل التحرر من حكم متخلف كان فيه 'الإمام' رجلا من بقايا العصور الوسطي لخص عداءه للعدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس شعرًا وكتب 'فأخذ مال الناس بالإرغام - جريمة في شرعة الإسلام - ولا يجوز أخذ مال الغير - إلا بأن يرضي بدون ضير' إلي ارسال قوات مصرية لمساندة ثورة الجزائر إلي مساندة حركات التحرر في أفريقيا ثم معركته الكبري ضد إسرائيل التي كان يحاربها سياسيا بعدم الاعتراف.. وبما هو أهم منح مصر ثقلاً دوليًا يليق بمكانتها وتكوين تحالفات سياسية تمكن العرب من عدم الانصياع لأحلاف أو لإملاءات أمريكية.. في كل هذه المعارك لم يكن ممكنًا أن تقيس ما يدور بحجم مكسب أو خسارة مباشرة.. فهذا الدور الذي حاول عبدالناصر انتزاعه لمصر كان أكبر من أن يقاس بافتراءات أو تشنيعات.. والغريب أن يعترف الإسرائيليون بحجم 'الرعب' الذي كانت تسببه سياسات عبدالناصر لهم وكان آخر هذه الاعترافات ما جاء علي لسان شاتاي شافيت الذي كان يرأس 'الموساد' في الستينيات بارساله عملاء من الموساد لمساندة الإمام واجهاض محاولة عبدالناصر لتحرير بلد عربي وكان أهم هؤلاء العملاء باروخ مزارحي الذي سلمته السلطات اليمنية لمصر التي حكمت عليه بالسجن المؤبد قبل أن يقوم السادات بالافراج عنه!
في عام 67 نجحت إسرائيل والولايات المتحدة في تحقيق هزيمة عسكرية ضد نظام عبدالناصر واحتلال أجزاء عديدة من فلسطين والأردن وسوريا وطبعا سيناء.. لكن عبدالناصر استعاد فورا قيمته.. إنه رجل 'ثائر'.. وهذا النوع من الرجال الذين يصنعون التاريخ يعرفون جيدًا أن استمرار الحرب أفضل وسيلة لتجاوز هزيمة عسكرية.. لأن الهزيمة الحقيقية هي أن تلقي سلاحك وتعترف لعدوك بما يريد!
الغريب أن أحد رجال عبدالناصر العظام - وبعد نكسة يونيو - كان يستشرف هو الآخر ما سيدور.. فقد نقل أحدهم للفريق عبدالمنعم رياض رغبة إسرائيل في عقد 'اتفاقية سلام' مع مصر بأي ثمن وعودة سيناء كاملة.. ساعتها قال عبدالناصر إن الصراع بين العرب وإسرائيل صراع 'وجود' بمعني أن أي قوة لطرف هي اضعاف للطرف الآخر.. وأكبر ما يمكن أن تستفيده وتقوي به إسرائيل هو الاعتراف بها كدولة بدلاً من محاصرتها كقوة احتلال.. استلهم عبدالمنعم رياض مواقف عبدالناصر 'الثائر' وتنبأ بكل ما حدث بعد ذلك وقال لمن عرض عليه أن يقنع عبدالناصر بـ'السلام مع إسرائيل': 'لو ألقت مصر سلاحها واعترفت بإسرائيل ستصبح بلادنا وطنًا للغانيات بالليل وللسماسرة بالنهار'..
ويبدو أن هذا ما حدث.. بالضبط!
محمود صالح

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية