سبقت هذه الزيارة غير المسبوقة من رئيس إيراني إلى جزيرة أبو موسى ـ إحدى الجزر الإماراتية الثلاث التي استحوذت عليها إيران في 1971 بعد رحيل القوات البريطانية عن المنطقة ـ تحذيرات إيرانية إلى دول مجلس التعاون من مغبّة المشاركة في مشروع الدرع الصاروخي الذي تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية إقامته لحمايتها ضد تهديد محتمل للصواريخ الباليستية الإيرانية.
مشروع الجدار الصاروخي حول إيران
وقد أكدت عدة صحف أميركية أن مشروع الدرع الصاروخي كان النتيجة الأكثر أهمية لأول منتدى للتعاون الاستراتيجي بين واشنطن ودول المجلس (السعودية، الكويت، الإمارات العربية المتحدة، قطر، البحرين وعمان) الذي حضرته مؤخرا بالرياض وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون.
وأكدت نيويورك تايمز أن الولايات المتحدة تخطّط بالفعل لبيع تكنولوجيا الصواريخ الدفاعية إلى دولة الإمارات التي لديها ـ إلى جانب السعودية ـ جيش من أكثر الجيوش الخليجية تقدّما.
وكانت الإمارات قد عقدت مؤخّرا صفقة أسلحة مع الولايات المتحدة بقيمة 3.48 مليار دولار ستحصل أبو ظبي بموجبها على نظام الدفاع الصاروخي "ثاد" التي ستدعم القدرات الدفاعية الجوية للإمارات، حسب المتحدث باسم البنتاغون الذي قال أن الصفقة تتضمن أيضاً راجمات صواريخ مع 96 صاروخاً وأنظمة رادارات.
كما أن الولايات المتحدة ستقوم بتحديث أنظمة الصواريخ في الكويت والسعودية. وستحصل الكويت على 209 صاروخ باتريوت ضمن صفقة تبلغ قيمتها الإجمالية حوالي 30 مليار دولار. كما ستحصل السعودية على أنظمة صواريخ باتريوت بقيمة 1.9 مليار دولار وسيتم إضافة إلى ذلك تحديث 70 طائرة سعودية.
أثارت هذه الصفقات وكذلك مشروع الدرع الصاروخي حفيظة إيران.
فقال مستشار قائد الثورة الاسلامية للشؤون العسكرية، اللواء رحيم صفوي، أن "دول الخليج الفارسي العربية تحولت إلى مستودعات للأسلحة الأمريكية". وأضاف أن "الهدف الاساسي لمنظومة الدفاع الصاروخي، التي بدأت من تركيا وستمتد الى العراق ومن ثم الى الخليج الفارسي، هو ضمان أمن الكيان الاسرائيلي".
وحذّر وزير الدفاع الايراني، العميد احمد وحيدي، دول المنطقة من الانضمام إلى المشروع الأميركي الذي هو في الحقيقة ينفذ المؤامرات الإسرائيلية".
وقال عضو البرلمان الإيراني ورئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية علاء الدين بروجردي "إن الدرع الدفاعي الصاروخي المقترح إقامته في منطقة الخليج الفارسي سيثير التوتر في المنطقة".
إيران محشورة في الزاوية
وتزامنت زيارة نجاد الأربعاء إلى أبو موسى مع تزايد الضغوط الدولية على حليفها في سوريا ومع التهديدات الإسرائيلية ضد ذراعها في لبنان.
فرغم وقف إطلاق النار في سوريا، لا زالت القوى الغربية تشكك بمدى التزام قوات النظام السوري بالهدنة التي دخلت حيز التنفيذ الخميس.
ويتفق المراقبون على أن نتائج الصراع الدائر في سوريا سيكون لها تداعيات وخيمة على حزب الله في لبنان الذي تهدد الآن اسرائيل باستهدافه وبـ"مهاجمة أهداف تابعة للحكومة اللبنانية، في حال اندلعت حرب مستقبلية في الشمال، في أعقاب توجيه إسرائيل ضربة للمنشآت النووية الإيرانية"، كما جاء الأربعاء على لسان مسؤول رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي.
ويتوقع مسؤولون عسكريون روس أن يقع هجوم على إيران مع حلول الصيف، كما أورد ميخائيل مالوف، المحلل البارز للسياسة الأمنية في مكتب وزير الدفاع الروسية سابقا.
وينقل المحلل عن رئيس مجلس الأمن الروسي، فيكتور أوزيروف، إن هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية أعدت خطة عمل في حالة شن هجوم على إيران، وذلك لتحريك القوات الروسية عبر جارتها جورجيا لتتمركز في أرمينيا التي تتقاسم الحدود مع الجمهورية الإسلامية.
ويضيف مالوف في تقرير نشره موقع "بولتان ج2" الأمريكي، إستنادا لمصادر في وزارة الدفاع الروسية، أن الجيش الروسي لا يعتقد أن إسرائيل تتوفر على أصول عسكرية كافية لهزيمة الدفاعات الإيرانية، ويعتقد أيضا أن تدخل عسكري أمريكي سيكون ضروريا.
إشارة تصالحية نادرة
وكسبا للوقت، أرسلت إيران إشارة تصالحية نادرة، ووعدت بـ"مبادرات جديدة" قبل افتتاح محادثات، ربما تكون فاصلة، مع الأعضاء الخمس الدائمين في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا التي من المقرر أن تجري السبت في اسطانبول، وذلك بإسقاطها أية شروط مسبقة للتفاوض حول طموحاتها النووية.
فقد قال كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين، سعيد جليلي، الأربعاء أن طهران سيقدّم "مبادرات جديدة"، دون أن يحدد الأفكار التي ينوي طرحها.
لكن دبلوماسيين أمريكيين وأوروبيين قالوا إن الولايات المتحدة الأميركية وحلفاء أوروبيين سيطلبون من إيران أن تفكك بشكل فوري منشأة "فوردو" لتخصيب اليورانيوم بالقرب من مدينة قم، ووقف كل إنتاج وقود اليورانيوم النووي المخصب بنسبة 20 في المائة، ونقل مخزونات هذا الوقود إلى خارج البلاد.
لكن، وبالنظر إلى تاريخ المفاوضات المشحونة مع إيران، سيدخل المسؤولون الغربيون المحادثات بشكوك. ولربما تكون هذه المفاوضات المحاولة الأخيرة لمنع الهجمات الإسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
وإذا رفضت إيران المطالب الأمريكية والأوروبية بالوقف الفوري لأخطر العناصر في برنامجها النووي، فإن أوباما يمكن أن يواجه أزمة في الخليج بحلول الصيف في خضم حملته لإعادة انتخابه رئيسا.
وقف الصفقات المالية التجارية الإيرانية
لم يأت الرئيس الإيراني على ذكر الخلاف مع الإمارات على الجزر الثلاث التي تقع على مدخل مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو خمس إمدادات النفط في العالم، بل استهزأ من سياسات بعض حكومات الخليج، داعيا إياها لـ"إقرار الحرية والديمقراطية وإجراء الانتخابات".
وقالت صحيفة "الوول ستريت جورنال" الأميركية في تقارير من لندن وأبو ظبي أن التجارة بين دول الخليج تراجعت خلال الشهور الأخيرة، في الوقت الذي أصبحت فيه العقوبات الغربية على إيران أكثر صرامة.
ونقلت الصحيفة عن مسئولين ومصرفيين عرب أن العديد من البنوك في الخليج جمّدت علاقتها طويلة الأمد مع إيران.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، أبلغت المصارف المركزية في دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر مؤسساتها بأن هناك تنظيما بوقف الصفقات المالية التجارية الإيرانية، بغض النظر عن طبيعة العقد.
0 comments:
إرسال تعليق