الاثنين، أبريل 02، 2012

لعيون الاسد... شيعة قطر على طاولة حزب الله

غضبُ الايرانيين وامين حزبهم في ايران من امير قطر وقناة الجزيرة واداءها في سوريا يتعدى كل التوصيفات السياسية الممكنة. ولولا ان مصلحة حزب الله الحالية تقتضي تأجيل طرح ملف الشيعة القطريين، لأصبح الشيعة القطريون العنوان الثالث المعروض في بازار الاعلام الطائفي بعد شيعة البحرين والسعودية.

قيادة حزب الله قررت فتح ملف اوضاع الشيعة السعوديين وتبني قضيتهم اعلاميا بعد عقود من الاهمال والتجاهل من قبل حزب الله واعلامه لإخراج قضيتهم من المحلية الى الدولية لتصبح ورقة ضغط يستعملها الحزب كما استعملها النظامان الايراني والسوري سابقا وسيستخدمها حاليا لصرف الانظار عن المجازر المستمرة في سوريا ولإشغال دول الخليج العربي بأوضاعها الداخلية ومساعدة نظام بشار الاسد واستمرار حكمه قدر الامكان.

الا ان السيد نصرالله وحتى هذه اللحظة يحاول مقاومة الدعوات المتزايدة المطروحة من اكثر من عضو في المجلس السياسي في القيادة العليا للحزب لتحريك ملف شيعة قطر اعلاميا اسوة بشيعة البحرين والسعودية. وتأتي هذه الدعوات اللبنانية داعمة للأصوات السورية التي هددت بإثارة قضية الشيعة في الخليج بعد خمسة اشهر من بداية المظاهرات السلمية في سوريا وكان اول من هدد بفتح هذا الملف هو السوري شريف شحاته من على شاشة "العربية" ثم تبعه بعد شهرين سياسي اخر موالٍ لنظام بشار مطالبا ايران من على شاشة "الدنيا" في دمشق بتحريك الشيعة في القطيف.

ويرجح بعض الاعلاميين المقربين من الحزب ان تردد امين عام الحزب بفتح ملف شيعة قطر يعود الى خشيته من اغضاب الدوحة التي قد تغير سياسة قناة الجزيرة تجاه المقاومة اللبنانية اضافة الى امكانية الخسارة المتوقعة للمساهمات المالية السخية التي تقدمها قطر لمناطق نفوذ الحزب في لبنان.

قطر التي دعمت المقاومة الشيعية في لبنان هي ذاتها قطر التي دعمت المقاومة السنية في سوريا، امير قطر الذي زار الضاحية الجنوبية الشيعية في لبنان بعد الهجوم الاسرائيلي عام 2006 هو ذاته الذي زار القاهرة بعد ثورة 25 يناير 2011 وسقوط نظام مبارك، الشيعة اللبنانيون الذي استقبلوا امير قطر اثناء زيارته لمناطق الجنوب "الشيعية" وشكروه ورفعوا صوره في مناطق الضاحية والجنوب عرفانا بجهود قطر في اعمار مساكن ومؤسسات الشيعة اللبنانيين عقب الهجوم الإسرائيلي لها عام 2006 هو ذات الامير الذي استضاف ورعى المصالحة اللبنانية في عاصمة بلاده الدوحة عام 2008 وهو ذاته بشحمه ولحمه ومازال اسمه حمد بن خليفة الذي ندد بجرائم القتل الذي يمارسها نظام بشار وكتائبه الامنية والعسكرية في سوريا صباح مساء وطالب بإسقاطه وحماية الشعب السوري.

قناة الجزيرة التي دعمت المقاومة الشيعية في لبنان والتي دعمت الثورة ضد النظامين في تونس ومصر وكانت محل تقدير ومتابعة من شيعة العالم وكانت تتصف بالمهنية والاحترام في نظر غسان بن جدو وسامي كليب وزوجته لونة الشبل، التي ظهر مؤخرا تقديمها النصح للرئيس بشار الأسد، هي ذات القناة في ذات البلد الصغير وبنفس الادارة التي استقال منها الاعلاميون الثلاثة واصبحت بين ليلة وضحاها قناة فتنة تفتقد للمصداقية، فقط لأنها دعمت الثورة الشعبية في سوريا! فمن اين جاءت كلمة السر؟

لماذا يجوز للشعب التونسي والمصري ما لا يجوز للشعب السوري؟ لماذا يحللون الثورة ضد زين العابدين بن علي وضد حسني مبارك ويحرمونها ضد بشار الأسد؟ مع ان بشار وعائلته اكثر فسادا واستبدادا واجراما من مبارك وزين العابدين وعائلتهما، لم يشهد التاريخ المعاصر سقوط قتلى وجرحى وجرائم اغتصاب وهدم منازل ومساجد بهذا العنف والوحشية التي نشاهدها في سوريا اذا ما استثنينا جرائم الابادة في رواندة. حتى اسرائيل التي لا تتورع عن أي فعل ضد الفلسطينيين لم تصل الى مرحلة الجنون الدموي الذي وصل اليه بشار وعائلته في سوريا حيث يستباح فيها كل شيء، بيوت الله قبل بيوت المواطنين والاطفال قبل الكبار والنساء قبل الرجال.

وما زال اعلام حزب الله يفرق بين الاحتجاجات الشعبية في سوريا وبين مثيلتها في البحرين، ففي البحرين ينظر الايرانيون واحزابهم وشخصياتهم العربية ناحية الشعب بعين الرضا، وعينهم على الشعب السوري تبدي المساوئ، فعلى سبيل المثال نجد في اعلام حزب الله الشيعي تأكيد ممثل المرشد الايراني في سوريا سيد مجتبى الحسيني ان ما يحدث في البحرين ثورة سلمية وان السعودية تحتل البحرين وتدعم حكومتها الاستبدادية، بينما يصف الحسيني الشعب المنتفض في سوريا بانهم عبارة عن عصابات مسلحة مدعومة من الخارج. هذا رأي حسن نصرالله ورأي المراجع الدينية في ايران ورأي اغلب شيعة الخليج العربي والبلاد العربية الاخرى ورأي القوميين السوريين ورأي البعث السوري ورأي الاعلام الممول من ايران راعية شعارات المحبة لآل البيت والمقاومة لأعدائها.

الرئيس السوري الحالي استلم من والده مهمة حماية الحدود الشمالية الشرقية لإسرائيل وأداها على اكمل وجه وبصرامة تفوق ما نفذه حسني مبارك لحماية حدود اسرائيل الجنوبية. ومع ذلك فرح الايرانيون واحزابه واتباعه المنتشرون في العراق ولبنان وسوريا والخليج العربي لسقوط مبارك، في ذات الوقت مازالوا يدافعون عن بشار ونظامه ويتهمون قناة الجزيرة بالتواطؤ والتدخل في شؤون سوريا. بعض الاعلاميين المستقيلين من قناة الجزيرة انتقدوا تغطية قناة الجزيرة لإحداث البحرين رغم ان الذين سقطوا من المحتجين فيها عدد قليل لا يقارن باي حال بأعداد الاطفال فقط الذين قتلتهم شبيحة وكتائب بشار في سوريا، ولا نعلم تحديدا أي اساس يعتمد انصار "المقاومة" في احكامهم وكيف يحددون مواقفهم؟ على هوية القاتل ام انتماء القتيل؟

قد يكون هناك مئة سبب لسياسة قطر وقناة الجزيرة في دعمها للثورات العربية وقد تكون هناك مشاريع سياسية لا يعلمها المواطن المسحوق في ليبيا وسوريا ومصر، لكن الشعوب العربية لا يهمها اهداف قطر ولا دوافع قناة الجزيرة وتوجهاتها السياسية مادامت ان النتيجة خلاص الامة من عصابات القتل والفساد. كل الشيعة في العالم وفي مقدمتهم حزب الله لم ينشغل بسؤاله لماذا الهدوء والسلام في الجولان! بينما ينشغل حزب البعث الحاكم في سوريا بدعم المقاومة الشيعية في لبنان والمقاومة السنية في فلسطين؟ ولم يبحثوا في حقيقة الدعم الفارسي للشيعة العرب في البحرين والعراق وللمليشيات المسلحة في فلسطين ولبنان وبقية الجماعات الشيعية في الخليج العربي، لان المهم عندهم هو استمرار الدعم سواء المادي او الاعلامي بغض النظر عن الدوافع والاجندات. وكذلك بقية الشعوب العربية التي تريد التحرر من الاستبداد المحلي ومواجهة الاستعمار الداخلي لا يشغلها كثيرا ان كانت هناك اجندة خفية او مؤامرة تشترك فيها قناة الجزيرة ولن تقف كثيرا عند الاتهامات الموجهة لحكام قطر، ما يهم المواطن العربي في مصر وليبيا وتونس وسوريا وبقية البلاد العربية وكذلك المواطن الايراني هو ان نتيجة هذا الجهد الاعلامي لقناة الجزيرة يوصلنا نحن العرب للتحرر من الحكام والاحزاب الفاسدة وعصابات النهب العام.

ابراهيم الهطلاني

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية