لم يكن أحد ليتصور أن قادة الجماعة في الداخل من الممكن أن يتحلوا بمثل هذه السذاجة السياسية التي تدفع بصاحبها إلى أن يهدم المعبد فوق رأسه بدلا من الحفاظ على ما نجح في الوصول إليه، وبدلا من محاولة خلق حالة من التوازن النسبي في المجتمع تمكنه من البقاء في مركزه المتقدم لأكبر وقت ممكن.
هذا الاستعجال الذي رأيناه واضحا في سعي الجماعة نحو إنجاز الإنتخابات البرلمانية، ومن بعدها في حرصهم على سلق الجمعية التأسيسية لوضع الدستور قد أدى بطبيعة الحال إلى أن تلجأ قوى ومكونات المجتمع الأخرى إلى أن تفتح النار على الجماعة وعلى تطلعاتها السياسية التي لا تحمل أي من ملامح الحكم الرشيد، وهو ما أدى بدوره إلى إصابة مكتب الإرشاد بحالة من الإرتباك تبلورت بشكل واضح في تصريحات المرشد وقياداته التي تبنت منطقا هجوميا تجاه كل من يحاول أن يتوجه بأصابع النقد إلى الجماعة وما تقوم به من ابتزاز سياسي مبين.
فتصريح مثل هذا الذي أطلقه د. بديع المرشد العام يتهم فيه الإعلاميين بأنهم سحرة فرعون الذين يوحي إليهم الشيطان بأن يزينوا للناس ما هو باطل – في نظره – وغيرها من التصريحات التي تحمل تلك النبرة الإقصائية لكل من يختلف مع الجماعة في الرؤية أو في وجهات النظر يذكرنا بما قام به الإمام الخميني بعد عودته إلى إيران في 1979 وإستتباب الأمور له في أعقاب الثورة الإيرانية – التي بالمناسبة لم يكن هو من قام بها أيضا – حين قام بإتباع منهج تكفير معارضيه وتهديدهم بالإعدام وبالسجن "إن لم يتوبوا"!، ثم بعد ذلك اللجوء إلى نفي شركاءه في معارضة الشاه من الليبراليين واليساريين إلى خارج البلاد حتى يتسنى له السيطرة على جميع مؤسسات الدولة، وحتى يتمكن من وضع القواعد الأولية لدولة الفقيه.
يدفعنا هذا التشابه – مجرد التشابه – إلى القلق على مستقبل هذه الأمة، لأننا على ما يبدو أمام جماعة تميل كل الميل بإتجاه الشرق دون أن تدرك أنه ينبغي عليها أن تتعلم كيف يتم التأسيس لقواعد الحكم الرشيد المتزن من مثيلاتها في المغرب العربي!!
أحمد أبودوح
0 comments:
إرسال تعليق