الاثنين، أبريل 02، 2012

دولة الفقيه ودولة المرشد... فلماذا الاستعجال إذن؟

الاستعجال الذي يشوب كافة تحركات جماعة الإخوان المسلمين الآن ليس بالشيء الغريب أو غير المتوقع، فالجماعة تريد أن تبسط سيطرتها في مصر بأسرع ما يمكن حتى تتمكن من التفرغ لبقية الدول الأخرى التي تمتلك فيها ذراعا لها، إنطلاقا من حلم الخلافة الإسلامية الذي طالما راود خيال القيادات العليا داخل الجماعة. قد ينظر البعض إلى هذا التوصيف على أنه كلام مرسل، كما أنه قد يحمل بعض الغرابة في نظر البعض الأخر، ولكن من يقوم بدراسة الإخوان المسلمين جيدا سوف يكتشف أن الاعتقاد في الخلافة الإسلامية وتبني فكرتها يرجع إلى أكثر من ثمانين عاما، أي وقت إنشاء الجماعة نفسها لكي تحل مكان جميع الأنظمة العربية والإسلامية المستبدة الفاجرة. وإلا فما هي المهمة الاساسية والضرورة الملحة التي دعت إلى إنشاء التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذي اعتدنا أن نرى قياداته خلف القضبان الحديدية طوال فترة حكم الرئيس المخلوع دون أن نعلم عنه الكثير من التفاصيل؟! وما هو المبرر للهجوم الذي أطلقه ضاحي خلفان قائد شرطة دبي في الآونة الأخيرة كاشفا – بالتعاون مع بعض أجهزة الإستخبارات الغربية – عن تزايد محاولات التنظيم الحثيثة التي تعمل على اختراق دول الخليج العربي، داعما خطابه بتواريخ وأسماء أماكن ودول.. أهو أيضا كلام مرسل؟!

لم يكن أحد ليتصور أن قادة الجماعة في الداخل من الممكن أن يتحلوا بمثل هذه السذاجة السياسية التي تدفع بصاحبها إلى أن يهدم المعبد فوق رأسه بدلا من الحفاظ على ما نجح في الوصول إليه، وبدلا من محاولة خلق حالة من التوازن النسبي في المجتمع تمكنه من البقاء في مركزه المتقدم لأكبر وقت ممكن.

هذا الاستعجال الذي رأيناه واضحا في سعي الجماعة نحو إنجاز الإنتخابات البرلمانية، ومن بعدها في حرصهم على سلق الجمعية التأسيسية لوضع الدستور قد أدى بطبيعة الحال إلى أن تلجأ قوى ومكونات المجتمع الأخرى إلى أن تفتح النار على الجماعة وعلى تطلعاتها السياسية التي لا تحمل أي من ملامح الحكم الرشيد، وهو ما أدى بدوره إلى إصابة مكتب الإرشاد بحالة من الإرتباك تبلورت بشكل واضح في تصريحات المرشد وقياداته التي تبنت منطقا هجوميا تجاه كل من يحاول أن يتوجه بأصابع النقد إلى الجماعة وما تقوم به من ابتزاز سياسي مبين.

فتصريح مثل هذا الذي أطلقه د. بديع المرشد العام يتهم فيه الإعلاميين بأنهم سحرة فرعون الذين يوحي إليهم الشيطان بأن يزينوا للناس ما هو باطل – في نظره – وغيرها من التصريحات التي تحمل تلك النبرة الإقصائية لكل من يختلف مع الجماعة في الرؤية أو في وجهات النظر يذكرنا بما قام به الإمام الخميني بعد عودته إلى إيران في 1979 وإستتباب الأمور له في أعقاب الثورة الإيرانية – التي بالمناسبة لم يكن هو من قام بها أيضا – حين قام بإتباع منهج تكفير معارضيه وتهديدهم بالإعدام وبالسجن "إن لم يتوبوا"!، ثم بعد ذلك اللجوء إلى نفي شركاءه في معارضة الشاه من الليبراليين واليساريين إلى خارج البلاد حتى يتسنى له السيطرة على جميع مؤسسات الدولة، وحتى يتمكن من وضع القواعد الأولية لدولة الفقيه.

يدفعنا هذا التشابه – مجرد التشابه – إلى القلق على مستقبل هذه الأمة، لأننا على ما يبدو أمام جماعة تميل كل الميل بإتجاه الشرق دون أن تدرك أنه ينبغي عليها أن تتعلم كيف يتم التأسيس لقواعد الحكم الرشيد المتزن من مثيلاتها في المغرب العربي!!

أحمد أبودوح

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية