ولا يعتقد أغلب المحللين أو الحكومات الأجنبية أو أجهزة المخابرات أن الأسد يواجه مصيرا آخر غير الخروج من خلال التفاوض أو الموت على يد أبناء شعبه. غير أن التحدي بالنسبة للمسؤولين الغربيين أصبح أكثر تعقيدا بكثير من الإطاحة بالأسد أو الضغط على روسيا من أجل التخلي عنه.
وقال مصدر حكومي غربي كبير إن النتيجة الأرجح ربما تكون صراعا طويلا مثلما حدث في لبنان في الثمانينات تنجر إليه قوى أجنبية ويستمر أكثر من عشر سنوات.
وفي النهاية فإن الكثير يتوقف على الأسد نفسه. لكن رغم كل محاولات أجهزة المخابرات الأجنبية لتكوين صورة للحالة النفسية له فهي تقول إنه لا يزال من الصعب التنبؤ بأفعال طبيب العيون الذي درس في بريطانيا.
ويقول نيجل انكستر النائب السابق لرئيس جهاز المخابرات البريطانية (إم.آي 6) "بشكل عام لا اعتقد أن من الصعب قراءة أفكاره ... لكن من المستحيل تقدير الكيفية التي سيرد بها على ظروف متزامنة محددة".
وتساور القوى الغربية شكوك في أن مشكلات سوريا ستنتهي مع عزل الأسد. فالأقلية العلوية التي ينتمي إليها ربما تواصل القتال على الأقل في محاولة لحماية نفسها من رد الفعل العرقي الذي قد يلي سقوط الأسد. فالدولة الأوسع قد تنهار بما في ذلك السواد الأعظم بالجيش الذي ظل عاطلا إلى حد كبير لصالح وحدات نخبة من الأقلية العلوية.
وقال أنتوني سكينر كبير خبراء الشرق الأوسط في شركة مابلكروفت للاستشارات ومقرها بريطانيا "قد تحدث بلقنة ... الأكراد في الشمال والدروز في التلال الجنوبية والعلويون في المنطقة الجبلية الساحلية في شمال غرب البلاد والأغلبية السنية في المناطق الأخرى."
وبينما يشكو المسؤولون الغربيون في تصريحات خاصة قلة الخيارات المتاحة أمامهم فإن الخيارات المتاحة للقيادة السورية تتقلص بمعدل أسرع.
ولا يزال البعض يعتقد أن الأسد ربما يريد أن يعطي الأولوية لأمن أسرته ويتفاوض على الخروج بشكل ما. لكن لا توجد بعد علامة تدل على هذه الرغبة الأمر الذي يشير إلى أن الرئيس السوري ربما استبعد ذلك الاحتمال.
وقال آري راتنر وهو مستشار سابق في شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وهو الآن باحث في مؤسسة ترومان للأمن الوطني "من المحتمل أن يقاتل في هذه المرحلة ... وقد لا تكون لديه أي بدائل أخرى.
واضاف "لو كان قد تنازل في بداية الأزمة ... فربما تمكن من العثور على ملاذ آمن في مكان ما على المستوى الدولي في إطار تسوية يتم التوصل إليها من خلال التفاو ض. لكن الآن بعدما تلطخت يداه بدماء كثيرة ... سيكون ذلك شبه مستحيل".
وفي حين أن دمشق تستخدم طائرات هليكوبتر هجومية ضد مقاتلي المعارضة فقد امتنعت عن استخدام طائرات حربية ربما خوفا من أن يؤدي ذلك إلى فرض منطقة حظر طيران بدعم دولي كالتي أدت إلى تدخل خارجي في ليبيا.
وهناك مخاطر من أن يلجأ الأسد في الأيام الأخيرة من حكمه إلى استخدام الأسلحة الكيماوية إحساسا منه بأنه لم يعد لديه ما يخسره. ومن الأهداف المحتملة دول مثل تركيا والسعودية التي دعمت المعارضة وكذلك إسرائيل. وتشعر أجهزة المخابرات الغربية أيضا بالقلق من أنه قد ينقل أسلحته الكيماوية إلى حزب الله في لبنان مما يمنح الجماعة القدرة على تهديد إسرائيل.
وقالت منى يعقوبيان المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأميركية والمتخصصة حاليا في قسم الشرق الأوسط في مركز ستيمسون في العاصمة واشنطن "الأسلحة الكيماوية تزيد مستوى التعقيد لوضع مضطرب بالفعل".
وأضافت "من المحتمل أن تتصرف الحكومة السورية بتهور إذا شعرت بأن الخناق قد ضاق عليها ... سواء باستخدام الأسلحة الكيماوية أو أي وسيلة أخرى. لكن من الواضح أيضا أن هذا سيكون انتحارا."
وفي حين يخشى الأسد تدخلا على غرار ما شهدته ليبيا أو العراق ما زالت القوى الغربية مترددة في المضي في مثل هذا المسار. ورغم ذلك تقول مصادر مطلعة على الأمر إن بعض التخطيط جار ويعتقد بعض الخبراء أن الاحتمال يتزايد.
ويتزايد الدعم الخارجي للجيش السوري الحر ويتمثل أساسا في الأسلحة والتدريب من السعودية وقطر وتركيا. لكن قلة فقط من المحللين يرون أن هذا الدعم قادر على تغيير الوضع.
ولا تزال الدول الغربية على الهامش إلى حد كبير وتقدم بعض المعلومات والمساعدات "غير الفتاكة". وكثيرا ما يشكو المسؤولون من الطبيعة الفوضوية للمعارضة وقدرتها المحدودة على تحدي الأسد.
ويؤدي الصراع في سوريا بالفعل إلى تفاقم التوتر العرقي بالمنطقة مع دعم إيران للأسد ودعم دول الخليج للمعارضة.
وتقول منى يعقوبيان "أخشى أن تكون سوريا تنزلق إلى حرب أهلية طائفية طويلة وتتمتع بالحماية ويمكن أن تنشر الفوضي في أنحاء المنطقة.
وتضيف "لا اعتقد أن التوصل إلى حل من خلال التفاوض أو نوع من الانتقال المحكوم للسلطة لا يزال ممكنا الآن".
0 comments:
إرسال تعليق