الأحد، أكتوبر 21، 2012

"الراي":اغتيال عقل لبنان الأمني

... قُتل وسام الحسن. ففي انفجار ضخم أعاد إلى الأذهان العملية الإرهابية التي استهدفت الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري في 14 فبراير 2005 ووقع ظهر أمس في منطقة الأشرفية في بيروت، اغتيل رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد وسام الحسن (43 عاماً) في جريمة قضى فيها أيضاً ما لا يقل عن ثمانية أشخاص وجرح نحو مئة. وبدا لبنان مع «تفجير» الحسن، الذي يعتبر العقل الأمني الأبرز في لبنان، أمام منعطف أمني خطير ينتظر أن تكون له تداعيات سياسية كبرى لا سيما أن رئيس شعبة «المعلومات» هو الذراع الأمنية لقوى 14 آذار ورئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري ولطالما كان «هدفاً سياسياً» لفريق 8 آذار والنظام السوري ووُضع أكثر من مرة في «مرمى الاستهداف». وجاء اغتيال الحسن غداة عودته إلى بيروت من باريس، بعد شهرين ونصف الشهر من الإنجاز الذي حققه بكشف المخطط الإرهابي للوزير اللبناني السابق ميشال سماحة (مستشار الرئيس السوري بشار الأسد) بالتنسيق مع مدير مكتب الامن الوطني السوري اللواء علي مملوك والذي كان يستهدف منطقة عكار في شمال لبنان، وذلك من خلال المخبر ميلاد كفوري الذي أطلع «المعلومات» على بداية المخطط وتم تكليفه بتوثيق عملية نقل المتفجرات من دمشق الى بيروت بالصوت والصورة. وذكرت مصادر امنية ان الاغتيال تم بانفجار سيارة مفخخة بعبوة لا تقل زنتها عن خمسين كيلوغراماً وُضعت في شارع قريب من ساحة ساسين في الاشرفية، وادت الى خراب هائل في المنطقة. ونظراً لشدة الانفجار الذي أوقع 8 قتلى و90 جريحاً، وتشوه العديد من الجثث، لم يكن قد تم حتى وقت متقدم من ليل أمس العثور على جثة الحسن، وكان الخبراء يجرون فحوص «دي إن ايه» للتعرف عليها. وباغتيال الحسن، الذي يُعتبر «الرقم الصعب» في المنظومة الأمنية المناهضة لسورية في لبنان، ينفتح المشهد الامني على مرحلة جديدة محفوفة بالمخاطر التي كانت طلائعها لاحت مع محاولة اغتيال رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في ابريل الماضي ثم محاولة اغتيال النائب بطرس حرب بعد نحو شهر. ومنذ العام 2005 وتحديداً بعد اغتيال الرئيس الحريري تحوّلت شعبة «المعلومات» هدفاً «دائماً» برسم الاستهداف الذي بدأ في سبتمبر 2006 مع محاولة «تصفية» المقدم سمير شحادة الذي كان يشغل منصب نائب رئيس فرع المعلومات والذي كان يتابع التحقيق في اغتيال الرئيس الحريري وذلك في منطقة الرميلة (على المدخل الشمالي لمدينة صيدا) ما أدى إلى اصابته بجروح بالغة ومقتل أربعة من مرافقيهن قبل ان يغادر لبنان منذ ذلك الحين. وبعد سنة وأربعة اشهر وتحديداً في يناير 2008 تم اغتيال «العقل المعلوماتي» في فرع المعلومات الرائد وسام عيد في محلة الشفروليه، علماً ان الأخير شكل «المفتاح» الذي فكّ «شيفرة» خريطة الاتصالات التي واكبت اغتيال الرئيس الحريري وتم الاسناد إليها لتوجيه الاتهام الى أربعة من «حزب الله» بجريمة 14 فبراير 2005. ومع «شطب» رأس شعبة المعلومات الذي كان وُضع مع شخصيات سياسية وأمنية وقضائية على لائحة استنابات قضائية أصدرتها السلطات السورية العام 2010 في إطار ما سمته ملف «شهود الزور» في ملف الرئيس الحريري، استذكرت دوائر سياسية وأمنية التقارير التي تم تداولها في بيروت في يناير الماضي وأعلن فيها المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي وجود خطة لاغتيال الحسن في الأشرفية تم إحباطها بعدما كانت في مراحل تحضيرية. ورجحت التقارير التي تبادلتها وسائل الاعلام حينها أن الخطة التي اكتشفت كانت تستهدف ريفي والحسن في الأشرفية، كاشفة ان مصادر المعلومات خارجية وداخلية، وُصفت بأنها ذات صدقية عالية، وأن الخطة كانت ستنفذ من خلال تفجير سيّارة مفخخة، كان سيتم زرعها في محيط المديرية العامة لقوى الأمن في الأشرفية التي لا تبعد كثيراً عن المكان الذي استُهدف فيه رئيس شعبة المعلومات امس. ومنذ «الانقلاب» على حكومة الرئيس سعد الحريري في يناير 2011? شنّت قوى 8 آذار حملة عنيفة لإقصاء الحسن واللواء ضمن اطار خطة لـ «اجتثاث» الحريرية من الاجهزة الامنية، الا ان هذا الامر لم يتم نظراً الى حسابات مذهبية ومناطقية ألزمت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «حمايتهما» سياسياً. ومعلوم ان وسام الحسن وهو من مواليد بيروت في العام (1969) عمل مديراً للمراسم في رئاسة الحكومة في عهد حكومات الرئيس الحريري، وعُيّن بتاريخ 12 فبراير 2006 رئيساً لشعبة المعلومات وكان برتبة مقدم، كما أوكلت اليه مهمة توقيف القادة الأمنيين الاربعة في اغسطس 2005 في ملف الرئيس الحريري، كذلك تولى توقيف مجموعة مسلحة تنتمي إلى «القاعدة» مع نهاية عام 2005) وفي العام 2007 نال قدماً استثنائياً لعام واحد، بعد توقيف المشتبه في ارتكابهم جريمة عين علق وتمت ترقيته إلى رتبة عقيد. ومن أهم انجازاته انه تمكن خلال الفترة الممتدة من العام 2006 حتى 2010 من توقيف ما يزيد على 30 شبكة للتعامل مع إسرائيل. ونظرا لانجازاته على هذا الصعيد تمت ترقيته هذه السنة إلى رتبة عميد. وكان من أبرز الشخصيات المرشحة لتولي منصب المدير العام لقوى الأمن الداخلي خلفاً للمدير الحالي سيادة اللواء اشرف ريفي بعد احالته على سن التقاعد. ووسط موجة من ردات فعل احتجاجية تجلت في قطع عدد من الطرق في بيروت والشمال وحرق اطارات، عُقد اجتماع امني في السرايا الحكومية فيما دعي مجلس الوزراء لاجتماع طارئ صباح اليوم في ظل اعلان حداد ليوم واحد. وعكست المواقف السياسية البُعد الدراماتيكي لعملية الاغتيال اذ اعلن جعجع من الاشرفية «ان الحسن هو أحد المسؤولين الامنيين الذي كشف عملية سماحة فهل هناك أوضح من ذلك لمعرفة المسؤول عن ذلك؟»، وقال: «سنستمرّ بالرغم من كل شيء ونحن في صلب مسلسل الاغتيالات الآن». سائلاً: «من هم ادوات النظام السوري في الداخل؟ هل نضحك على أنفسنا ونتهم المخابرات الأميركية والإسرائيلية وغيرهما؟ وسام كان ينبهنا جميعا و«الله ما بيترك حدا». واتهم كل من الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط الرئيس السوري بشار الأسد بالوقوف وراء اغتيال الحسن الذي اثار موجة استنكار دولية عارمة. واعتبر رئيس حزب الكتائب أمين الجميل من مكان الانفجار «ان خسارة العميد وسام الحسن خسارة لكل لبنان والجميع يعرف جهوده لحفظ استقرار اللبنانيين والمرحلة مرحلة تفكير واستخلاص عبر وبالوقت المناسب نتخذ الموقف المناسب من هذا الموضوع».

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية