هاني صافي
الخميس، نوفمبر 01، 2012
الأسبابُ الكامنة وراءَ اغتيالِ وسام الحسن
الخميس, نوفمبر 01, 2012
اضف تعليق
لن أدخلَ في تخميناتِ مَن قتلَ اللواء وسام الحسن، مَن خططَ ومَن مَوَّل ومَن نَفَّذ. إنَّ في القراءاتِ والإتهاماتِ السياسية ما يملأ كتاباً. سأكتفي بتحليلِ الأسبابِ العميقةِ التي أدَّتْ الى اغتيالِهِ بغضِّ النظرِ عن الجهةِ المستفيدة من رحيلِهِ أو القادرةِ على ارتكابِ الجريمة.
أما الأسبابُ الفعلية فهي أربعة :
-السبب الأول: الخروجُ من عقدةِ الدونيّة
منذُ أيامِ الإستقلالِ كانتْ عُقدةُ الدونيةِ تتحكمُ بالعملِ الأمنيِّ اللبنانيّ وكانتْ أجهزةُ الأمنِ والاستخباراتِ على اختلافِها تعتبرُ أنَّها أصغرُ من أن تدخلَ في صراعٍ مع الكبارِ إقليمياً ودولياً. وعقدةُ الدونيةِ هذه لم تسمحْ للاجهزةِ الأمنيةِ اللبنانية بلعبِ دورِها كما يجب والتعامل مع المخاطرِ الامنية بالحزمِ المطلوبِ والعلاجاتِ الناجعة، لأنها لم تكنْ تجرُؤ على التعاملِ بنديَّةٍ معَ أجهزةِ الإستخباراتِ الإقليميةِ والدولية، الصديقةِ والعدوة. وقد جاءَ وسام الحسن على رأسِ شعبةِ المعلومات ليُشفيَ الأمنَ اللبناني من عقدتِه ويجعله يتعاملُ مع أجهزةِ الأمنِ الخارجيةِ معاملةَ الندِّ للندّ فيتصدى للخروقاتِ الأمنية من دونِ الاهتمامِ بمصادرِها.
-السبب الثاني : رفضُ التبعيةِ وممارسةُ العمل ِالأمنيِّ السياديّ
بسبب التغلب على عقدة الدونية صار الأمن اللبناني بفضل اللواء الحسن يمارس عملاً سيادياً، اي أنه لم يعدْ يقبل بالتبعية لأي طرفٍ، أكان إقليمياً أم دولياً. ما عادَ يخافُ أحداً لا كبيراً ولا صغيراً، فالاجهزة الأمنية اللبنانية صارتِ الندَّ للأجهزة الأمنية الخارجية، تتعاطى معها انطلاقاً من سيادة لبنانَ ومصلحته العليا. صارتِ الأولوية لأمنِ لبنانَ بغضِّ النظرِ عن الاعتباراتِ السياسية والاقتصادية والتاريخية والجغرافية.
-السبب الثالث : فَضحُ لعبةِ الكبار على الساحة اللبنانية
أدى الشفاءُ من عقدةِ الدونيةِ ورفضِ التبعيةِ الى فضحِ مخططاتٍ كثيرةٍ كانت تريدُ النيلَ منْ أمنِ الوطنِ والمواطن، والى عدمِ القبولِ بلفلفةِ المسائلِ وإيجادِ المخارجِ السياسيةِ لها. بعبارةٍ أوضح قرَّرَ وسام الحسن أنَّ لبنانَ لن يَسكتَ بعدَ اليوم عن تطاولِ الآخرينَ على أمنِه وسيادتِه، ولن يبقى مُشرّعَ الأبوابِ لمشاريعِ الغيرِ من دونِ حسيب. فانطلقَ جهازُ المعلومات يكشفُ المستورَ ويفضحُ لعبة الكبارِ أقرباءَ وأبعدينَ ويَعتقلُ مُريدي الشرّ للبنان.
-السبب الرابع: تخلفُ السياسة والقضاءِ عن اللحاقِ به.
سَبَقَ وسام الحسن وشعبةُ المعلومات الطبقةَ السياسية والتركيبةَ العدلية. فلا المسؤولينَ السياسيينَ ولا الأجهزة القضائية واكبوا الحسن في خروجِهِ من عقدةِ الدونيةِ ولا هم مارسوا العملَ السياديَّ ولا قبِلوا بفضحِ لعبةِ الكبارِ على أرضِ لبنانَ، فكُشفَ الحسن وصارَ كمنْ يَسبحُ عكسَ التيارِ وحيداً، فقضى شهيدَ جرأتِه ووطنيتِه.
هذه الأسبابُ الأربعة الحقيقة الكامنة وراءَ مقتلِ وسام الحسن، وكلُّ سببٍ آخر يُساق لفهمِ خلفياتِ عمليةِ الاغتيالِ لن يجدَ له تفسيراً عندَ قضاءٍ يبحثُ عن غطاءٍ سياسيٍّ-أمنيٍّ غيرِ متوفرٍ حالياً في لبنانَ.
هاني صافي
هاني صافي
0 comments:
إرسال تعليق