الخميس، نوفمبر 01، 2012

التونسيون 'ينفضون ايديهم' من شيخ النهضة

لم تنجح "جهود" راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي "الهش" الحاكم في تونس في "تلميع" صورته التي اهتزت لدى الرأي العام التونسي كما لدى الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، وبدت صورة الرجل الذي يوصف بأنه "الحاكم الفعلي لتونس" كما لو أنها "تهوي" بعد تراجع ثقة التونسيين بما فيهم "إخوانه" من السلفيين و"خصومه" من العلمانيين. استفاد الغنوشي خلال 20 سنة في منفاه بلندن من سياسات نظام بن علي أكثر مما خسر حيث نجح في تقديم صورة رجل "مضطهد" و"ضحية" للقمع يدافع عن الحرية والديمقراطية وكان يؤكد عبر وسائل الإعلام أن "تونس تتسع لكل التونسيين بما فيهم العلمانيين والشيوعيين". غير أنه استفاد أكثر حين نسج علاقات "أخوة" وثيقة مع أمراء وشيوخ الجماعات السلفية المهاجرة التي تتخذ من لندن قاعدة لها بعد أن ضاقت بها أرض أفغانستان ولاحقتها الأجهزة الأمنية لبلدانها. وحين عاد الغنوشي إلى تونس إثر ثورة 14 جانفي/يناير 2010 التي أطاحت بنظام الرئيس بن علي وطئت قدماه أرض مجتمع تغير تماما عما كان يتصوره ولم يكن على وعي بأن هناك هوة سحيقة تفصله عن قطاعات واسعة من التونسيين متعطشة للحرية وترفض منطق الوصاية. لم تكن صورة الغنوشي الذي يحاول الإقناع بأنه عراب "التوفيق بين مرجعيته السلفية وبين مكاسب الدولة المدنية" سوى"صورة مهزوزة ذات وجه وقفا" في أذهان غالبية التونسيين غير أن ما عمق اهتزاز صورته هي مواقفه السياسية منذ صعود حركة النهضة إلى الحكم في أعقاب فوزها في انتخابات 23 أكتوبر 2010. منذ شهر يناضل الشيخ الذي يواجه نقدا لاذعا من السياسيين والحقوقيين والإعلاميين إلى "كسب ود خصومه من السياسيين والنشطاء" وكثف من التصريحات الصحفية ومن الحضور في منابر الحوار مؤكدا على أنه "رجل حوار يرفض التشدد ويؤمن بالحريات المدنية والسياسية ويرفض الإكراه" الذي تكفلت به الجماعات السلفية. لكن الفاعلين السياسيين والإعلاميين باتوا أقل ثقة في خطاب الغنوشي حتى أن الكثير منهم لم يتردد في القول إن التونسيين "نفضوا أيديهم" من رئيس حركة النهضة الذي يسعى إلى الهيمنة على مفاصل الدولة بعد أن زرع أكثر من 1000 كادر من كوادر الحركة في المؤسسات الرسمية من جهة وبعد أن أطلق العنان للجماعات السلفية لتزج بالبلاد في دوامة من العنف السياسي أدت إلى سقوط ضحايا. وبرأي المحلل السياسي والإعلامي زياد كريشان فإن صورة الغنوشي مهزوزة أصلا لأنه يخفي خلف خطابه السياسي "عقيدة سلفية لا تختلف عما تعتقده الجماعات السلفية بشقيها العلمي والجهادي". ويضيف كريشان أن رئيس حركة النهضة يسعى إلى "بناء دولة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة شأنه في ذلك شأن أمراء الجماعات السلفية، الفرق الوحيد أن الغنوشي يراهن على كسب الوقت وإتباع المرحلية فيما يضغط السلفيون على المجتمع لفرض دولة الخلافة الآن على مجتمع ذي مؤسسات مدنية عريقة". ويؤكد هذا التحليل موقف الناطق الرسمي باسم حزب التحرير السلفي رضا بلحاج الذي يقول إن حزبه له "علاقات متنوعة مع حركة النهضة بحكم عيشنا في نفس الفضاء والبيئة كالمساجد والجامعات وأماكن أخرى". ويضيف بلحاج الذي تربطه علاقات متينة بالغنوشي "الآن دواعي قيام دولة الخلافة أقوى وأبين وأوضح بمعنى أن الخلافة هي فرض شرعي وهي حكم شرعي كالصلاة ولم يختلف في ذلك الفقهاء البتة على اختلافاتهم في عدة مسائل شرعية، فلا يجوز لدولة عظيمة كالدولة الإسلامية ان تعيش "في وضعية كراء من عند أنظمة حكم" مهما كان عنوانها إنما لابد ان تحكمها دولة أسلامية والحكم بما أنزله الله". وترجع قيادات سياسية تونسية بما فيها قيادات "مستنيرة" قريبة من النهضة تسامح الغنوشي تجاه تنامي سطوة السلفيين إلى "العطف الكبير" الذي يبديه تجاههم إذ "يذكره حماسهم لتطبيق الشريعة بشبابه". غير أن "الخطير في الأمر هو أن الغنوشي يراهن على السلفيين كقوة داعمة وقوة انتخابية يمكن استثمارها في المعارك الانتخابية وحتى في المعارك السياسية، ليؤكد اتهامات خصومه بأنه لم يتخل عن ازدواجية الخطاب وبالتالي يؤكد الشك بصدقه في تبني المسار الديمقراطي" على حد تعبير أستاذ علم الاجتماع السياسي سالم لبيض. وخلال سنتين بدا السلفيون كما لو أنهم ذراعا للضغط والعنف يستخدمها الغنوشي بحسب تموجات المشهد السياسي. ففي 14 سبتمبر الماضي هاجم السلفيون السفارة الأميركية بتونس ولم يترددوا في حرق وتخريب مقراتها على خلفية فيلم قالوا إنه مسيء للإسلام وأسفرت الحادثة عن مقتل 4 قتلى و28 جريحا. "أحرجت" حادثة السفارة الأميركية الغنوشي الذي يسعى لكسب "ثقة" واشنطن دون استعداء السلفيين. وبعد أسبوع من الحادثة اضطر الغنوشي، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية إلى الدعوة إلى "تشديد القبضة" الأمنية على السلفيين لأنهم "يمثلون خطرا على النهضة وعلى الحريات العامة في البلاد وعلى أمنها". لكنه سرعان ما تراجع في نفس اليوم ليصرح للتلفزيون التونسي الحكومي بأنه "لا نية للنهضة في تشديد القبضة الأمنية على السلفيين". ويقول سياسيون وناشطون تونسيون إن مهاجمة السفارة الأميركية "هزت" صورة النهضة المهزوزة. وقالت مصادر قيادية في النهضة إن اقتحام السلفية الجهادية للسفارة الأميركية "وضعت الحركة بين خيارين، إما الصمت أو التبرؤ منها وهما خياران أحلاهما مر" مضيفة أن رئيس الحركة "حسم الخلاف الذي يشق قيادات النهضة من خلال "تمسكه بطمأنة الدول الغربية" دون اتخاذ إجراءات عملية تضع حدا لتنامي سطوة السلفيين. وأضافت نفس المصادر أن دعوة الغنوشي إلى "تشديد القبضة" الأمنية على التيار السلفي الجهادي" وتصريحه بأنهم "لا يمثلون خطرا على النهضة فقط بل على الحريات العامة في البلاد وعلى أمنها" إنما جاءت استجابة لضغوطات أميركية وغربية. فقد ضغطت واشنطن على الحكومة التونسية من أجل "تأمين حماية فاعلة" للبعثات الدبلوماسية في البلاد و"اتخاذ إجراءات أمنية ناجعة" تضمن سلامة الجاليات الأجنبية". ولم يتردد سفيرها جاكوب والس في "تحميل حكومة النهضة مسؤوليتها كاملة في ما يشبه التوبيخ" وفق ما ذكر مصدر دبلوماسي أوروبي. بل إن والس هدد الشعب التونسي قائلا إن "ما اقترفه المتطرفون ستكون تأثيراته وخيمة على حياتكم واقتصادكم فمن الصعب جدا دفع الأميركيين على الاستثمار في دولة غير آمنة واعتقد ان وضع تونس وصورتها العالمية غير جيدين". لم يكن الغنوشي يتوقع أن واشنطن تابعت الحادثة وملابساتها بمجهر سياسي واستخباراتي كشف لها أنه ما كان للسلفيين أن يقتحموا مقر سفارتها في تونس الدولة الصديقة لولا التسامح المطلق معها. لذلك لم تقتنع واشنطن بـ "التنديد" و"الاستنكار" وطالبت السلطات التونسية بتقديم "المجرمين للعدالة". اضطر الغنوشي أن يترك الأمر للأجهزة الأمنية التي ألقت القبض على أكثر من 100 سلفي من بينهم الناطق الرسمي باسم جمعية "أنصار الشريعة" حسن بريك. وألقت حادثة السفارة الأميركية بضلالها على المشهد السياسي بالبلاد حيث سادت أجواء من الترقب والسخط حتى أن رئيس الحكومة السابق وزعيم حزب "نداء تونس" الباجي قائد السبسي قال "إن النهضة تقود تونس نحو الهاوية". وطالبت القوى السياسية الوطنية والديمقراطية بفرض هيبة الدولة وحذرت من أن السلفيين يستهدفون صورة تونس في الخارج. وحمل السياسيون والإعلاميون الغنوشي مسؤولية تخريب مؤسسات الدولة وتشويه صورة البلاد التي تقود الربيع العربي. وهتف تونسيون في وجه الغنوشي "إرحل... إرحل" في عديد المناسبات. وأطلق أكثر من ثلثي التونسيين صيحة فزع مستغيثين من "تغول السلفيين" و"تزايد سطوة عنفهم في المجتمع" مشددين على أنهم باتوا "يهددون حرياتهم الفردية والعامة". وأظهر استطلاع للرأي أجراه المعهد التونسي للدراسات وسبر الآراء أن 78 بالمائة من التونسيين الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن "تزايد سطوة السلفيين باتت تشكل خطرا على الحريات الفردية خاصة حرية المعتقد". وكثيرا ما أكد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أن السلفيين "هم جزء من المجتمع التونسي ويحق لهم ما يحق لغيرهم" ملاحظا أنهم "إخواننا وأبناؤنا ومن حقهم التعبير عن مواقفهم وآرائهم بطرق سلمية". إضافة إلى التداعيات السلبية الخارجية كان لاقتحام السفارة الأميركية تداعيات سلبية داخلية مثلت ضغوطات على النهضة التي فقدت أكثر من 30 بالمائة من شعبيتها بحسب عملية استطلاع للرأي التي أجريت مؤخرا. ومن أبرز التداعيات السلبية الداخلية تعمق الهوة بين النهضة والقوى الديمقراطية التي رأت في الحادثة "كارثة دبلوماسية". ويشعر التونسيون بـ"الإحباط" من أداء حكومة النهضة التي لم تعالج المشاكل الحقيقة في مجتمع ارتفع فيه عدد العاطلين إلى حوالي 800 ألف عاطل وبلغت نسبة الفقر أكثر من 20 بالمائة. ويؤكد عدد كبير من الذين منحوا أصواتهم في الانتخابات السابقة للنهضة أنهم طلن يصوتوا لها في الانتخابات القادمة لأن الوضع في البلاد ازداد سوءا". ويقول السياسيون إن الغنوشي الذي يعد المرشد الروحي للإسلاميين "استخف" بمؤسسات الدولة التونسية التي يعود تأسيسها إلى عام 1705 وهي دولة مدنية عريقة ذات مسحة علمانية ليس من السهل "أسلمتها". وكان من نتائج "الاستخفاف" بمؤسسات الدولة فشل الحكومة في إدارة الشأن العام "وفق ما هو ممكن سياسيا" لا وفق ما هو مطلوب شرعيا"، لذلك اهتزت صورة حركة النهضة وتراجعت شعبيتها بنسبة 30 بالمائة بحسب آخر عملية سبر للآراء واهتزت معها صورة رئيسها راشد الغنوشي. وألهبت تصريحات للغنوشي قسم فيها المجتمع التونسي إلى إسلاميين وعلمانيين سخطا عارما رأى فيه الفاعلون السياسيون تمهيدا للفتنة. ففي 10 أكتوبر 2012 تم تسريب فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي يظهر راشد الغنوشي وهو يحرض السلفيين على اكتساح مؤسسات المجتمع والدولة لأنها "يهيمن عليها العلمانيون". وبقدر ما كشف الفيديو الوجه السلفي للغنوشي بقدر ما هز صورته وصورة الحركة التي استأمنها التونسيون على حكم البلاد. ظهر الغنوشي في اجتماع نادر مع سلفيين، وهو يدعوهم للتحرك بحرية بعد أن أصبحت منابر المساجد تحت أقدامهم، محذرا من أن العلمانيين يسيطرون على كل مفاصل الدولة بما في ذلك الاقتصاد والجيش والإعلام. ودعا السلفيين للتحلي بالصبر، وعدم التفريط بالمكاسب التي حصلوا عليها بعد الثورة، وقال مخاطبا الشباب السلفي "الآن ليس لنا جامع، الآن عندنا وزارة الشؤون الدينية، أقول للشباب السلفي المساجد بأيدينا قدموا فيها ما شئتم من دروس وأطلقوا الإذاعات والتلفزيونات والمدارس". أثار الفيديو الذي سرى في أوساط التونسيين سخطا حقيقيا لا في الأوساط السياسية والشعبية فحسب بل حتى في المؤسسة العسكرية التي تحملت الكثير من الصبر والعناء من أجل حماية مسار الثورة وانتهجت حيادا شجاعا تجاه الفاعلين السياسيين. ردت المؤسسة العسكرية بحزم على الغنوشي وأصدرت بيانا شددت فيه على أنها مؤسسة متمسكة بالحياد. فاضطر الغنوشي للتصريح بأن حركة النهضة لها ثقة بمؤسسات الدولة العسكرية والأمنية وبأن الشعب التونسي ممنون للجيش الذي رفض أمر الرئيس السابق بن علي بإطلاق الرصاص على الناس. وتحدثت مصادر قيادية من حركة النهضة أن تسريب الفيديو "هز صورة الحركة من الداخل". غير أن عددا من الفاعلين السياسيين لم يستبعدوا أن تكون النهضة هي نفسها التي تعمدت تسريب المقطع لـ "تحقيق مكاسب سياسية هدفها ترضية السلفيين من جهة وللضغط على العلمانيين من جهة أخرى" وفق رأي رضا بلحاج الناطق الرسمي باسم حزب التحرير السلفي. لكن التداعيات السياسية لتسريب الفيديو لم يتوقعها الغنوشي وألقت بصورته المهزوزة في مواجهة خاسرة مع الفاعلين السياسيين والإعلاميين. ورغم أن الغنوشي سارع في نفس اليوم إلى الدفاع عن نفسه مشددا على أن الفيديو "مفبرك" إلا أن "دفاعه" لم يقنع أحدا. فقد وصفت الأمينة العامة للحزب الجمهوري ميّة الجريبي خطاب الغنوشي بالخطير وأن فيه تقسيم للبلاد بين علمانيين وإسلاميين منتقدة بشدة طريقة حديثه عن الأمن والجيش، وقالت "الأخطر من ذلك التغاضي مع الأطراف المتطرفة ودعوتهم إلى التدرج في إنشاء دولة دينية متطرفة"، واعتبرت ذلك دفعا للتطرف من قبل راشد الغنوشي. وشددت الجريبي على أن "ما قاله الغنّوشي هو خطّة لبناء دولة غير مدنية لنسف أركان الدولة ونسف أركان الثقة بين أطراف المجتمع". واهتزت صورة الغنوشي أكثر حين طالب عدد من نواب المعارضة في المجلس التأسيسي التونسي بحل "حركة النهضة" لـ"تآمرها على مدنية الدولة". ووقع 75 من اصل 217 من نواب التأسيسي يوم 11 اكتوبر على عريضة دعوا فيها إلى حل حركة النهضة "قانونيا" بسبب "تآمرها على مدنية الدولة". وأعلن المحامي حاتم فرحات أنه أقام دعوى قضائية في المحكمة الابتدائية بولاية المهدية (وسط شرق) ضد راشد الغنوشي بتهمة "التآمر على امن الدولة الداخلي" وقال المحامي في نص الدعوى القضائية ان كلام الغنوشي في شريط الفيديو "يهدد الانتقال الديمقراطي في البلاد، ومدنية الدولة، والسلم والأمن الاجتماعيين". من المفارقات أن استرضاء الغنوشي للسلفيين الذي استباحوا الحريات الفردية والعامة في مسعى لفرض نمط مجتمع "أفغاني" لم ترض أمراء الجماعات السلفية. وفي 23 أكتوبر 2012 هاجم أبو عياض زعيم جماعة أنصار الشريعة السلفية المقربة من القاعدة حكومة النهضة واصفا إياها بأنها "عميلة للغرب" فيما لا تردد قواعد الجماعات السلفية في "تكفير النهضة وزعيمها راشد الغنوشي، وبدا الأمر كما لو أن السحر انقلب على الساحر. أما علاقة الغنوشي بالقوى الوطنية والديمقراطية فقد شهدت خلال الأسابيع الماضية "فتورا ممزوجا بعدم الثقة" بعد أن سلسلة من المواقف المعادية كان آخرها وصفه لحزب "نداء تونس الذي يتزعمه الباجي قائد السبسي بأنه "أخطر على تونس من السلفيين". وأمام اهتزاز صورته قدم الغنوشي بعض التنازلات منها عدم التنصيص في نص الدستور الجديد على الشريعة كمصدر أساسي للتشريع والتراجع عن خيار النظام البرلماني في محاولة في محاولة لإقناع خصومه بأنه لا يريد أن يقيم دولة إسلامية في تونس. لكن صورة زعيم حركة النهضة تمزقت لدى السلفيين والعلمانيين على حد سواء. ورغم عمليات التجنيد لتطويق الأزمة الخانقة التي تشهدها النهضة نتيجة علاقاتها بالسلفيين فشل الغنوشي في تلميع صورته لا داخل تونس فقط بل خارجا أيضا. فقد قالت مجلة "لونوفال أوبسيرفاتور" الفرنسية في مقال تحت عنوان "تونس.. الوجه الحقيقي للإسلاميين" إنّ "الفيديو كشف حقيقة فكر راشد الغنوشي التي تختلف تماما عن خطابه المعلن". وأضافت المجلة أنّ "القوى الديمقراطية في تونس تتخوف من أن تؤدي سياسات النهضة إلى إرساء نظام ديكتاتوري على أساس الدين". من جهتها قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في مقال بعنوان "تونس ترتج بسبب فيديو الإسلاميين" إنّ "أكثر النتائج خطورة على الغنوشي الذي يحاول أن يحتل موقع الشيخ القائد هو نظرته للمجتمع التونسي التي تقوم على الاستقطاب وتصويره للقوى العلمانية على أنها محتشدة ضده، إضافة إلى ما أظهره الفيديو من تنسيق مع السلفيين الذين لعبوا دورا في إلحاق الأضرار بالسياحة التونسية وصورة تونس في العالم". وقال الباحث الفرنسي في التاريخ والمتخصص في شؤون المجتمعات المغاربية بيار فارمران، وصاحب كتاب "دول المغرب والديمقراطية المستحيلة" في تصريحات صحفية "إن راشد الغنوشي لم يكن أبدا معتدلا، وتاريخه السياسي لا يجعل منه رجلا ديمقراطيا أو معتدلا، مضيفا الباحث أن "النهضة نسبت الثورة التونسية إلى نفسها وتوظفها اليوم توظيفا سياسيا". وقبل أشهر من الاستحقاق الانتخابي المزمع إجراؤه في منتصف 2013 سيقود الغنوشي الحملة الانتخابية لحركة النهضة مهزوز الصورة يقول المراقبون إن حركته لن تتحصل على أكثر من 20 بالمائة من أصوات الناخبين. وما تخشاه القوى الوطنية والديمقراطية اليوم هو أن يؤدي الاحتقان الذي يعيشه المجتمع التونسي إلى "حرب" بين الإسلاميين والليبراليين، خاصة وأن البلاد مقبلة على استحقاقات انتخابية يفترض أن تنهي الوضع الانتقالي وترسي مؤسسات شرعية.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية