السبت، ديسمبر 01، 2012

الثورة السورية تواجه لحظات تاريخية ومصيرية

أثبت أحرار سوريا أنهم قادرون على الارتفاع إلى مستوى التحدي الذي وضعهم فيه استكبار نظام الأسد وعنجهيته، بعد أن رفض الاستجابة لمطالب الشعب السوري المحقة والمشروعة، مطالب الحرية والمواطنة والمحاسبة. تمكن أحرار سوريا خلال الأشهر العشرين الماضية في عمر الثورة من تحقيق معجزة نقل النظام العاتي من مرحلة الهجوم على كل المدن والقرى إلى مرحلة الدفاع عن آخر معاقله. الأيام القادمة عظيمة الخطورة ومليئة بالصعوبات والتحديات. النظام سحب أهم كتائبه إلى مدينة دمشق ومحيطها، ويستعد لخوض معركته الأخيرة. قدرات النظام ومعنوياته في ترجع مستمر لكن إمكانياته التدميرية كبيرة. نهاية النظام المجرم الذي استباح البلاد والعباد للحفاظ على حفنة من المفسدين قادمة بإذن الله وبدأت ملامحها وإرهاصاتها تظهر في الأفق. الخوف الكبير اليوم من ثمن سقوط قوى الإجرام بعد أن بلغ النظام لحظاته الأخيرة. الخوف من أن يستمر النظام في تعاطيه الجنوني وفي خطته التي لخصها شبيحة النظام بدقة عندما رفعوا شعار "الأسد أو نحرق البلد". الخوف اليوم أن يستمر النظام في إزهاق المزيد من الأرواح الطاهرة وفي التدمير الهمجي والمنهجي للبنية التحية للوطن. آمل أن يدرك مؤيدو نظام الإستبداد الأسدي خطأ الاستمرار في نهجهم بسرعة ويعلنوا انشقاقهم قبل فوات الأوان لأن ذلك سيؤدي إلى حقن الكثير من دماء السوريين على اختلاف مناطقهم ومشاربهم وطوائفهم، وتجنيب البلاد كارثة وطنية في الساعات الأخيرة من حياة نظام همجي مجرم استباح الدماء والأموال والأعراض على مدار عقود عديدة. هذا يقودنا إلى التحدي التالي في الصراع الدائر من أجل مستقبل سوريا، تحدي الحفاظ على الوحدة الوطنية والحيلولة دون قيام صراع سلطوي يمكن أن يؤدي إلى اقتتال يمزق الصفوف ويضعف زخم الثورة ويأخذها بعيدا عن أهدافها. وحدة الشعب السوري قيمة حقيقية ضاربة في جذورها في عمق التاريخ. في حين أن التمزق والتشرذم والجهوية والطائفية حالات طارئة في تاريخنا عكست فترات تراجع أخلاقي وروحي. وحدة الشعب تجلت عبر لحظات عديدة في تاريخنا، وتجلت بصورة خاصة مع بروز تحديات مصيرية كالتي نواجهها اليوم، لعل أبرزها لحظات التغول الصليبي والمغولي وحملات الهيمنة الطورانية والغربية في مطلع القرن الماضي. تمكن الشعب السوري من تجاوز كل محاولات التجزئة والشرذمة ليؤكد الروح التوحيدية والوطنية التي تميزه. آخر تلك المحاولات حدثت في التاريخ القريب عندما سعى المستعمر الفرنسي لإقامة دول الطوائف في سوريا عبر البلاد على أسس مناطقية وطائفية، ولكن ثوار سوريا على اختلاف طوائفهم ومناطقهم رفضوا دعوات التجزئة، وأقاموا بدلا عن ذلك دولة وحدة وطنية ذات طموحات أعلى وحدود أوسع. الشعب السوري البطل يواجه لحظة تاريخية جديدة تدعونا جميعا إلى رفض نزعات التمزق والتقوقع والتفرد، وإلى تأكيد القوة الروحية الكامنة في ضمير شعبنا الواعي الأبي، قوة الوحدة والتوحيد التي ستعيد إلى سوريا دورها التاريخي المهم في لمّ الجهود المبعثرة لبدء رحلة النهوض الحضاري القادم بإذن الله. أحرار سوريا مؤتمنون اليوم على روح الوحدة الوطنية، وواجبهم الوطني والأخلاقي والديني يدعوهم إلى عدم التفريط فيها، لكي يكونوا أهلا للمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهم وليبدؤوا مشوار توحيد إرادة الأمة وإعادتها للقيام بدورها التاريخي والحضاري. النصر قريب والنصر قادم بإذن الله.. وسيدرك العالم أن الشعب السوري قادر على الارتقاء فوق الآلام والجراح ليؤسس لوحدة وطنية ومستقبل واعد. د. لؤي صافي أستاذ العلوم السياسة وناشط حقوقي وسياسي سوري. وهو عضو الائتلاف الوطني ورئيس مكتب السياسات والتخطيط في المجلس الوطني السوري. مؤلف لاثني عشر كتابا صدر آخرها تحت عنوان الحرية والمواطنة والإسلام السياسي (دار المجتمع المدني 2012). يمكن قراءة تعليقاته على مدونته http://safireflections.wordpress.com/wp-admin

1 comments:

غير معرف يقول...

التحدي التالي في الصراع الدائر من أجل مستقبل سوريا هو تحدي الحفاظ على الوحدة الوطنية والحيلولة دون قيام صراع سلطوي يمكن أن يؤدي إلى اقتتال يمزق الصفوف ويضعف زخم الثورة ويأخذها بعيدا عن أهدافها.

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية