الجمعة، فبراير 01، 2013

...نعم إنها لعبة خطيرة يا معالي الوزير

سوريا دائماً وأبداً منذ اندلاع الأحداث في آذار 2011 وهي تتصدر لائحة التجاذبات السياسية الدولية، بعدما باتت نقطة الخلاف الرئيسة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

 خرج وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أمس بمقال طويل على موقع وزارة الخارجية الإلكتروني ضمن التقرير الدبلوماسي السنوي الذي تصدره الوزارة نهاية كل عام .

 لافروف المشهود له بالحنكة السياسية وبعد النظر في الازمات الدولية وضع الاصبع على الجرح، فكتب في الفقرة الاولى المتعلقة بالشرق الاوسط "أن اللعبة المزدوجة للقوى الخارجية في سوريا باتت خطيرة جداً"، وان "روسيا ترفض محاولات زج مجلس الامن الدولي لتشريع العوامل الخارجية، ولا سيما منها العسكرية للتدخل في الشؤون الداخلية"، في اعتبار ان روسيا، بحسب لافروف، "تدافع عن مبادئ سيادة القانون الدولي وأصول الديموقراطية وأسس العمل الجماعي في العلاقات الدولية، وتؤكد عدم وجود بديل للدور المركزي للأمم المتحدة ومسؤولية مجلس الأمن الدولي".

 بهذه الرؤية يكون لافروف قد رمى الكرة السورية الملتهبة في الملعب المناسب، فلم يعد خافياً على احد ان ما تعيشه سوريا هو نتيجة تجاذب دولي واقليمي وعربي، وان السوريين سلطة ومعارضة باتوا ينتظرون المواقف الدولية من خلف الستارة، وبات طرفا النزاع مجرد وقود للأزمة، فأُزهقت ارواح عشرات الألوف من المدنيين، من دون أن تدري"بأي ذنب قتلت".

 ويدرك رئيس الدبلوماسية الروسية جيداً أن بلاده هي لاعب أساسي في الازمة السورية، وانّ كل محاولاتها لوقف نزيف الدم المتواصل في سوريا منذ اكثر من 22 شهراً باءت بالفشل، كما ان محاولات الضغط على الأطراف المتنازعين للجلوس إلى طاولة المفاوضات ايضاَ باءت بالفشل، لذلك لم يبق للافروف سوى تأكيد الثوابت الروسية في هذا الملف ألا وهي أن على السوريين انفسهم ان يحددوا معايير النظام السياسي لبلادهم في المستقبل، وذلك لا يكون من التفاوض.

 ومن هنا جاء تأكيد لافروف في مقالته أن "أولويتنا هي تسوية شاملة للأزمة السورية، وليس تغيير النظام في دمشق". وهنا اوضح لافروف، من وجهة نظره، حقيقة الموقف الذي دفع ببلاده مع الصين الى "استخدام حق النقض (الفيتو) في ما يتعلق بمشاريع قرارات مجلس الأمن الدولي التي تفتح فعلياً إمكانية تدخل عسكري في سوريا".

 وعلى رغم أن لافروف حذر من خطورة الوضع في سوريا، الاّ انه لم ير بديلاً حتى الآن سوى ما توافقت عليه "مجموعة العمل" في جنيف في حزيران الماضي معتبراً ان تفاهم جنيف هو "أساس متفق عليه بالإجماع" استناداً الى قراري مجلس الامن الدولي الرقم 2042 والرقم 2043، مشيراً الى أن تفاهم جنيف جاء نتيجة الجهود الروسية بدرجة كبيرة.

 بالطبع لا احد ينكر دور موسكو في التوصل الى اعلان جنيف، لكن تفسير بنوده لا يزال منذ ولادته يخضع لمدّ وجزر، ما يعني انه غاب عن ذهن "مجموعة العمل" حينها ان الشيطان يكمن في التفاصيل. خاتمة مقالة لافروف في الشأن السوري جاءت حمّالة وجوه، إذ قال فيها: "نحن حاسمون في المضي على طريق جنيف، والكرة في ملعب شركائنا".

 وبحسب المراقبين، فإن لافروف قد وجّه رسالة مباشرة وغير مباشرة الى من يهمه الامر، مفادها أن روسيا لن تتراجع في مواقفها ولن تتخلى عن ثوابتها وعلى الأطراف الأخرى ان تبحث عن بدائل لا تتعارض مع مضمون جنيف. ما يعني ان اللعبة الدولية في سوريا مستمرة، وقد باتت فعلاً لعبة خطيرة يا معالي الوزير...

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية