الخميس، يوليو 26، 2018

اسلحة العراق الفاشلة

أُقترح قبل اعوام بناء سور حول بغداد بطول 69 كم وعرض ستة أمتار مع مستلزمات إضافية مثل الابراج والكاميرات بهدف حماية العاصمة من الارهاب. وفي الفترة عينها طرحت مشاريع اخرى على غراره لحماية الموصل وكركوك ومدن اخرى كذلك، الا ان تنفيذها ومعها سور بغداد تم تأجيله. لكن مشروع سور بغداد عاد ليطرح من جديد هذه الايام بعد الكشف عن خطة لداعش قضت بمهاجمة بغداد يوم 10-6-2018 الماضي وجرى اخضاع المشروع الجديد القديم الى نقاشات سرية اولاً وهذا ما لا شك فيه ثم علنية في ندوة عبر فضائية الشرقية نيوز، ضمت العميد يحيى رسول الناطق باسم العمليات المشتركة والباحث مؤيد الونداوي والشيخ فريق المبدر. ومن دفاع العميد رسول عن "جدوى" السور تبين ان الحكومة العراقية جادة في بنائه. والذي يشجعها للمضي قدماً في بناء المشروع بناء سور بطول 612 كم وبعرض ستة أمتار على طول الحدود العراقية – السورية وفي حينه تناولت السور الحدودي هذا وتخطئته وتبيان لا جدواه مؤكدا على افول زمن الاسوار والقلاع والخنادق واورد اكثر من مثال على فشل الاسوار والخطوط الدفاعية في العالم وانهيارها امام مخترقيها. وجاءت اراء الباحث القدير مؤيد الونداوي مطابقة لآرائي علماً ان تناولي لموضوعه الاسوار سبق عقد الندوة تلك في بطلان سلاح الاسوار الذي ساد وباد.
عليه فان مشروع سور بغداد سيتوج بالفشل حتماً مع توقعي باحتمال تراجع الحكومة العراقية عن تنفيذه بسبب من الضائقة المالية التي تأخذ بخناقها. لكن سلاح الاسوار ليس السلاح الوحيد الفاشل للعراق، بل ان للاخير اسلحة فاشلة اخرى كثيرة مثل المراهنة على السلاح (العشيرة) في مقاومة الارهاب.
ان ما يجعلني اخوض في هذه المسألة والاثبات بأن العشيرة سلاح رديء في كل المعارك هو اصرار الشيخ فريق المبدر على عكس ما ذهبت اليه، وما زالت الحكومة العراقية مثل الحكومات العراقية السابقة متشبثة بالقشة (العشيرة) واذكر أنه قبل نحو 10 اعوام قال قائد عسكر العراقي ان الارهابيين ينفذون عملياتهم الارهابية في المدن ويتخذون من العشائر مأوى ودار استراحة لهم. وفي احصائية عن انتشار داعش في محافظة نينوى عام 2014 وبعده ورد ان 90% من مسلحي داعش هم من العشائر. وفي قضاء سنجار تقدمت العشائر العربية جنباً الى جنب مع داعش للفتك بالكرد الايزيدية ونهب اموالهم وسبي نسائهم.. الخ من الامثلة الدالة على خطأ التوجه الى العشيرة واستخدامها سلاحاً في المعارك الوطنية. اضف الى ذلك ان التصدي للاحتلال والارهاب ليس من واجب العشيرة بل الحكومة والجيش النظامي اللذين يملكان أمضى الاسلحة. ثم ان العشائر العراقية لاسباب موضوعية خارجة عن ارادتها لم تسجل اي موقف وطني في تاريخ العراق الحديث في ايام العثماني والاحتلال الانكليزي للعراق. لذا اقول ان المراهنة على العشيرة خطأ ومزايدة رخيصة لاسيما في الحالة العراقية وقد يكون افشل من سلاح الاسوار وعلى الحكومة العراقية والحالة هذه ان تتخلى بالمرة عن السلاح (العشيرة) والكف عن اغداق الاموال على رؤسائها الذي كانوا على امتداد الحكم الوطني في العراق مع الحكومات الدكتاتورية ومراكز تجسس على الشعب واستغلال الافراد من عشائرهم.
ومن الاسلحة العقيمة الاخرى والتي لجأت الى استعمالها الحكومات الجمهورية في العراق منذ اندلاع الثورة الكردية عام 1961 سلاح التشكيلات غير النظامية مثل فرسان صلاح الدين الذي تشكل من عشائر كردية وفرسان الوليد من العشائر العربية وفي عام 1963 شكل انقلابيو 8 شباط الحرس القومي. وبعد سقوط اولئك الانقلابيين في العام نفسه، ابقى نظام الاخوين عارف على تشكيلات الفرسان والغوا الحرس القومي وفي الفترة من 1968 الى 2003 اسست حكومة البعث اكثر من تشكيل مسلح غير نظامي مثل الجيش الشعبي وفدائي صدام واشبال صدام والنخوة مع الابقاء على تشكيلات الفرسان. جدير ذكره ان التشكيلات لم تحمِ انظمة قاسم وبعثيي 8 شباط والاخوين عارف وصدام حسين من السقوط، بل ان التشكيلات الكردية غير النظامية انضمت الى انتفاضة اذار الكردية عام 1991 ووجهت فوهات بنادقها الى الحكومة العراقية وادت دوراً رئيساً في انتصار الانتفاضة.
بعد سقوط البعث في عام 2003 كان من المفروض ان تكون الحكومة الشيعية والاطراف المؤتلفة فيها ان تستفيد من تجارب التشكيلات المسلحة غير النظامية وتلغيها بالمرة، الا انها انتهجت النهج نفسه للحكومات الجمهورية الدكتاتورية السابقة فأسست الصحوات ثم وبأمر من المرجعية اسست الحشد الشعبي. وبرضى من الحكومة ظهرت ميليشيات المهدي وعصائب اهل الحق وكتائب حزب الله.. الخ التي هي كسلاح صورة طبق الاصل للاسلحة الفاشلة التي سبقتها (الفرسان والحرس القومي والجيش الشعبي.. الخ). وهناك سلاح اخر اكثر فشلاً وعقماً من الاسلحة التي ذكرتها، الا وهو الجيش العراقي الذي تحول بمرور الايام الى جيش طائفي بعد انخفاض نسبة السنة فيه الى 5 او 7% والكرد الى اقل من 2% وهذا الجيش كما القوات غير النظامية اثبت اكثر من مرة لا جدواه. وفشله ففي انتفاضة اذار 1991 سلم سلاحه للجماهير الكردية المنتفضة وفي عام 2003 خضع للسفير الاميركي بول بريمر الذي امر بحله وفي 2014 هزم شر هزيمة على يد بضعة مئات من مقاتلي داعش.
اخيراً على الحكومة العراقية ان لا تعول أو تعتمد على الجيشين الاميركي والايراني على حمايتها، اذ دلت تجارب الماضي البعيد والقريب، ان القوات الاجنبية في البلدان الاخرى مشروع دائم للانسحاب. ففي اقطار الهند الصينية فيتنام ولاوس وكمبوديا رأينا كيف انسحب الاميركان عام 1975 امام تقدم القوات الشيوعية وفي افغانستان رأينا ايضاً كيف انسحب السوفيت امام طالبان..الخ من الامثلة ومن الامثلة القريبة انسحاب القوات الاميركية من العراق مطلع عام 2011 في عهد الرئيس اوباما.
على الحكومة العراقية التوجه الى السلاح الحقيقي وهو الشعب، والى الديمقراطية والاقرار بحق تقرير المصير للشعب الكردي بدل التمسك بالاسلحة الفاشلة التي افقرت الشعب وعبثت بمقدراته وامواله.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية