قلب العاشق نافورة من الأحلام والآمال ويظن أن الدنيا مثله كل حلمها في محبوته:
أنجم الليل المُطلة
أغمضت أجفاني عليك
أضم فيك العمر كُله
ومع أن المرأة إذا أحبت أخلصت ووفت.. وأعطت كل شيء.. إلاّ أنها أعقل من الرجل في الحب والسبب أنها لا تقع في الحب الساحر قبل الزواج إذا أحسّت – وعن تجربة - أن رجلها يستحق الحب العميق بكماله من كل النواحي، فالمرأة كالأرض التي لا تستجيب للحب حتى يهطل المطر حقاً.. في الغالب.. أما الرجل فكثيراً ما يهيم مع سحابٍ خُلّب.. ومع جهام سحاب لا مطر فيه.
ويعبر كثير من الشعراء الشعبيين عن السحر الذي أصابهم من نظرات الحبيب، ومن جماله، بألفاظ تدل على الهيام، مثل (يا وجودي).. بمعنى (يا وجدي).. أو (تلّ قلبي).. بمعنى أخذ قلبي بعنف.. أو بالمُعنّى (قال المعنّى) وهو من أصابه العنا من شدة الحب! أو يقول العاشق إن محبوبته رمته (صوّبته).. فكأنه أصابته سهامها فهام بها.. يقول عبدالله بن محمد دهيم:
أنتـم أهـل الحميـة وأنـتـم أهــل الـوفـا
كامـل الزيـن صوبـنـي وانــا مـادريـت
اشتكي من صوابـه ما احـد بـي درى
كـل ما جيـت ابامشـي بالقـدم ما قـويـت
حايـر فــي طريـقـي يــوم كــلّ ضــوى
ليـت خلـي يطاوعـنـي عـلـى ما بغـيـت
لا التقيـنـا مشيـنـا كــل ابـونـا ســـوى
يـــوم كــــل تـهـنــا نــايــم مـا سـريــت
لاأشـرب الـمـا ولا اكــل بـايـت الـقـوى
البـلاوي بلتنـي فـي الـهـوى وابتلـيـت
ومـن تولـع بـحـب البـيـض مـالـه دوا
مـن مــودة عشـيـري لاذكـرتـه بكـيـت
طول ليلي وانا اعوي مثل ذيب عـوى
سحرني حلالها وقلب هواها وابتلى (راكض وراها وأدور رضاها ياملا)!
يا رب إن العيون السود قاتلتي
وإن عاشقها لا زال مقتولا
ولجرير – وهو مشهور -:
إنّ العُيُونَ التي في طَرْفِها حَوَرٌ
قتلننا ثمَّ لمْ يحيينَ قتلانا
يَصرَعنَ ذا اللُّبّ حتى لا حَرَاكَ بهِ
وهنَّ أضعفُ خلقْ اللهِ أركانا
ولمجنون ليلى:
وكنت كذباح العصافير دائبا
وعيناه من وجدٍ عليهن تهملُ
فلا تنظري ليلى الى العين وانظري
الى الكف ماذا بالعصافير تفعلُ؟!
ولمجنون بثينة:
فوالله ما أدري أزيدت ملاحة
وحسنا على النسوان أم ليس لي عقل؟
وللفاروقي:
وَمَنْ كَانَ ذَا صَبْوَةٍ بِالْمِلاحْ
فَلا يَطْعَمُ النَّوْمَ إِلا قَلِيلْ
بِرِدْفٍ ثَقِيلٍ وَخِصْرٍ نَحِيلْ
وَخَدٍّ أَسِيلٍ وَطَرْفٍ كَحِيلْ
وَتِلْكَ الْقُدُودِ وَتِلْكَ الْعُيُونْ
فَكَمْ مِنْ جَرِيحٍ وَكَمْ مِنْ قَتِيلْ
ولمجنون ليلى:
هي السحر إلاّ أن للسحر رُقيةً
وأني لا ألقى لها الدهر راقيا
وقال آخر:
أنت القتيل بكل من أحببتهُ
فاختر لنفسك في الهوى من تصطفي؟
قلت: وهل في الحب اختيار؟!
ولجميل:
خليليّ فيما عشتما هل رأيتما
قتيلاً بكى من حُبّ قاتله مثلي؟
وللآخر:
قلبي يحدثني بأنك مُتلفي
روحي فداك عرفت أم لم تعرفِ
ولابن المرزبان:
وما عجبٌ موت المحبين في الهوى
ولكنّ بقاءَ العاشقين عجيبُ!
ولشاعرنا الشعبي:
يا عيون تسحر بالزهاهير سود
نجلٍ تهاوى به سهوم المنايا
ولشاعر أيضا:
سحرني حلالها وقلب هواها وابتلى
(راكض وراها وأدور رضاها ياملا)!
للمرة قبل تبيعين القناع
نشتري منك كان انك تبيع
بالعمر مير ما ظني تباع
شيبتني وأنا توّي رضيع
جاهل توّ في سن الرضاع
تجين بحال خير ولا علينا حسبة أيامي
تطيرين وتروحين وتجين وتاقعين بليل
فالى جيتي رميتك يا حمامة والله الرامي
عسى من لامني في حبكم يرمى بدرب الخيل
ثمان أيام حيّ ما يذوق الما وهو ضامي
شلت من الهوى حملٍ ثقيل ما يشيله فيل
فالى منه عثر بي قالوا الحساد لا قامي
المصدر / جريدة الرياض
0 comments:
إرسال تعليق