وجاء في بيان النائب العام البلجيكي أن أمير س. ونسيمة ن. وهما يحملان الجنسية البلجيكية "يشتبه بأنهما حاولا تنفيذ هجوم تفجيري" السبت في ضاحية فيلبنت في باريس خلال مؤتمر نظمته جماعة مجاهدي خلق الإيرانية".
وكان الزوجان اللذان قالت الشرطة إنهما "من أصل إيراني"، يحملان 500 غرام من مادة "تي ايه تي بي" المتفجرة مع جهاز تفجير عندما أوقفتهما الشرطة الخاصة في منطقة سكنية في بروكسل.
وفي باريس، أكد مصدر قضائي توقيف ثلاثة أشخاص في فرنسا في سياق التحقيق في محاولة التفجير.
وأوضح أن "التحقيقات تهدف إلى توضيح طبيعة العلاقات التي يمكن أن تربطهم بالمشتبه بهما اللذين أوقفا في بلجيكا".
لكن النيابة البلجيكية قالت لاحقا إن فرنسا أفرجت عن اثنين من المعتقلين بعد أن حققت معهما الشرطة الفرنسية واحتفظت بالثالث.
وجاء أيضا في بيان النيابة أن دبلوماسيا إيرانيا في السفارة النمساوية في فيينا كان على اتصال بالزوجين أوقف في ألمانيا.
وسارعت إيران إلى إعلان استعدادها للعمل مع كل الأطراف المعنية للكشف عما وصفته بـ"مخطط زائف وشرير" بعد أن قالت السلطات في بلجيكا إن دبلوماسيا إيرانيا اعتقل للاشتباه في تخطيطه لهجوم بقنبلة في فرنسا.
وكتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تويتر "في الوقت الذي نشرع فيه في زيارة رئاسية لأوروبا، تظهر عملية إيرانية مزعومة ويعتقل ‘مدبروها‘".
وأضاف "إيران تدين بشكل لا لبس فيه كل أشكال العنف والإرهاب في أي مكان وعلى استعداد للعمل مع كل الأطراف المعنية للكشف عما هو مخطط زائف وشرير".
وقال البيان إن نحو 25 ألف شخص شاركوا في تجمع المعارضة.
وتسلط هذه التطورات الضوء على انتقال الأنشطة الإرهابية الإيرانية من محيطها الإقليمي إلى الفضاء الأوروبي، حيث يقيم معارضون للنظام الإيراني.
ولاتزال التحقيقات متواصلة لكشف ملابسات المخطط الإرهابي الذي يتضح من خلال ارتباطه بدبلوماسي إيراني في فيينا، تورطا إيرانيا رسميا.
وتأتي الكشف عن هذا المخطط بينما تواجه إيران ضغوطا أميركية شديدة لكبح أنشطتها الإرهابية المزعزعة للاستقرار الإقليمي والدولي.
وقد تدفع نتائج التحقيقات الدول الأوروبية المتمسكة بالاتفاق النووي مع إيران إلى مراجعة موقفها.
وتتزامن هذه التطورات مع وصول الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى سويسرا الاثنين في جولة تشمل النمسا وصفتها طهران بأنها "ذات أهمية قصوى" للتعاون بين الجمهورية الإسلامية وأوروبا بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني.
ومن المقرر أن يزور روحاني كذلك النمسا، التي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي الدورية لمدة ستة أشهر والتي اعتقلت أيضا دبلوماسيا إيرانيا على صلة محتملة بالمخطط الإرهابي في فرنسا.
وشارك في تجمع مجاهدي خلق حليفا ترامب نيوت غينغريتش ورودي جولياني ودعيا إلى تغيير النظام في إيران وقالا إن هذا الاحتمال بات اقرب من أي وقت مضى بعد سلسلة الإضرابات والاحتجاجات التي شهدتها إيران.
وقال غينغريتش رئيس مجلس النواب الأميركي السابق وجولياني عمدة نيويورك السابق لأنصار المعارضة في التجمع إن ترامب يجب أن يمارس ضغوطا على الدول الأوروبية التي لا تزال تسعى إلى التعامل مع إيران رغم العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها على طهران.
ويتزامن الكشف عن المخطط الإرهابي أيضا مع مسعى إيراني لانتزاع ضمانات أوروبية لبيع النفط لدول الاتحاد في الوقت الذي تعمل فيه الولايات المتحدة على وقف صادرات النفط الإيرانية.
ويعد مجاهدو خلق الذين استهدفوا بمحاولة هجوم السبت في فرنسا وفق ما أعلنت النيابة العامة البلجيكية، منظمة معارضة شرسة للنظام الإيراني منذ فترة طويلة.
وتأسست المنظمة عام 1965 بهدف الإطاحة بنظام الشاه ومن ثم النظام الإسلامي. والمنظمة التي تستلهم الفكر الماركسي وتعلن عن نفسها على أنها "إسلامية ديمقراطية وعلمانية"، نشأت من انشقاق داخل حركة تحرير إيران القومية بزعامة مهدي بازركان.
وقضى معظم مؤسسيها في سجون الشاه محمد رضا بهلوي. وبعد فترة قصيرة من التعايش اعتبرت فيها قانونية بعيد الثورة الإسلامية عام 1979، أُعلنت المنظمة خارجة على القانون في العام 1981 إثر تظاهرة مسلحة قمعت بشدة.
منفى قسري
وفي يونيو/حزيران 1981، حملت السلطات الإيرانية مجاهدي خلق مسؤولية اعتداء بواسطة متفجرات استهدف مقر الحزب الجمهوري الإسلامي أوقع 74 قتيلا بينهم المسؤول الثاني في النظام آية الله محمد بهشتي.
وبات أعضاء المنظمة ملاحقون في إيران فلجئوا إلى أنحاء مختلفة في العالم وخصوصا فرنسا حيث استقروا في اوفير-سور-واز قرب باريس مع زعيمهم مسعود رجوي الذي أسس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
وفي 1986، طُرد مسعود رجوي من فرنسا في ظل سياسة تقارب مع إيران.
وتمركز مجاهدو خلق في العراق الذي كان يخوض حربا ضد إيران وقاتلوا إلى جانب الرئيس الراحل صدام حسين ما دفع النظام في إيران إلى وصفهم بأنهم "منافقون"، ولا يزال يستخدم هذا الوصف حتى اليوم.
وفي العام 1988 ومع انتهاء الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988)، شنت المنظمة هجوما عسكريا على إيران وسيطرت على عدة مدن حدودية، لكن القوات الإيرانية عمدت بعدها إلى سحق المهاجمين.
وفي 1993، ترأست مريم رجوي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
وفي 1987، أنشئت الذراع المسلحة لمجاهدي خلق وعرفت باسم "جيش تحرير إيران الوطني" الذي تبنى عدة عمليات في إيران وخصوصا هجمات في 1993 استهدفت أنابيب نفط وضريح الإمام الخميني قرب طهران. واعتبرت مسؤولة عن مقتل العشرات.
وبعد سقوط نظام صدام حسين في 2003، نُزع سلاح المجاهدين وتم جمعهم في معسكر أشرف شمال شرق بغداد.
وفي فبراير/شباط 2012، وافقوا على مغادرة المعسكر للإقامة قرب بغداد قبل أن يغادروا العراق إلى ألبانيا بناء على طلب السلطات الأميركية والأمم المتحدة. وكان ذلك في مايو/أيار 2013.
النشاط في العلن
وفي العام 2003، أوقفت مريم رجوي في فرنسا مع 160 شخصا آخرين، ثم أفرج عنها بعد احتجاجات لأنصارها استمرت أسبوعين وتخللها إحراق شخصين لنفسيهما.
وأجري تحقيق قضائي واسع على خلفية شبهات بأنشطة إرهابية، لكنه انتهى في سبتمبر/ايلول 2014 بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى.
وشُطب مجاهدو خلق في يناير/كانون الثاني 2009 من قائمة الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية بعدما كانوا مدرجين عليها منذ مايو/ايار 2002. وقامت الولايات المتحدة بالخطوة نفسها في سبتمبر/ايلول 2012.
وفي يوليو/تموز 2015، هاجمت مريم رجوي الاتفاق الذي توصلت إليه القوى الكبرى مع إيران حول برنامجها النووي.
ووفي أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، اتهمت المجتمع الدولي بـ"التساهل" مع إيران في موضوع عقوبة الإعدام.
واحتجت الحكومة الإيرانية لدى فرنسا في يوليو/تموز 2016 على التجمع السنوي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في باريس الذي تعتبر طهران أن "يديه ملطخة بدماء الشعب الإيراني".
وفي يناير/كانون الثاني 2018، طلب الرئيس الإيراني حسن روحاني من نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون اتخاذ إجراءات ضد مجاهدي خلق الذين اتهمهم بالوقوف وراء التظاهرات العنيفة التي شهدتها إيران وبأنهم على صلة بالسعودية.
0 comments:
إرسال تعليق