لم يستفز المعنيين مشهد ردم البحر بالنفايات على مدى سنتين، ولم يؤرق نومهم صراخ أطفال 550 صياداً طُمرت لقمة عيشهم في مرفأ الصيادين في الدورة ـ برج حمود.
وكأن متعهد مكب برج حمود داني خوري وضع في عقول أحزاب المنطقة "ما فيه النصيب" حتى ابتلعوا ألسنتهم واستأنسوا بروائح النفايات، وقرروا متابعة مسلسل المجزرة البيئية في برج حمود بصمت، سكوت لا يزعج المتعهد "القوي" ولا يعرّض حصتهم من جبنة النفايات للخطر.
أما الإعلام، غاب هو الآخر عن متابعة المسلسل نفسه وقرر الصمت عن حقوق شعبٍ قرر هو السكوت عن حقه بشاطئ نظيف وهواء صالح للتنفس، وجدّد البيعة في 6 أيار لمن باع عيشه الكريم بصفقة مطامر.
وكان لافتاً انتقال عدوى الصمت المريب من ممثلي المنطقة والإعلام إلى القضاء أيضاً، فلا زالت الدعوى القضائية المقدمة من المحامي حسن بزي وآخرين لإقفال مطمر برج حمود معلقة أمام محكمة الاستئناف المدنية الناظرة بقضايا الأمور المستعجلة. وكذلك هو الحال بالنسبة للدعوى القضائية المرفوعة لإقفال مطمر مجاور لمكب برج حمود أمام قاضي الأمور المستعجلة في المتن، وأمام قاضي الأمور المستعجلة في بيروت.
وما اليوم يضاعف من خطورة وجود هذا المكب ويتجاوز كل ما سبق ذكره بأشواط، إذ حصلنا على صورتين لنفايات نووية عُثر عليها في مكب برج حمود، وتبعاً لشهادة خبراء، تعود لفترة ما بعد الحرب الاهلية ومختلفة عن أية نفايات نووية أو كيميائية وصلت إلى لبنان خلالها، وكتب على مستوعبات تلك النفايات باللغة الانكليزية وايضاً بلغة اخرى يُرجّح أنها فارسية.
وتؤكد مصادر خاصة أن هذه النفايات عُرضت على أحد المختبرات العلمية الرسمية في لبنان، ورفض استقبالها أو معاينتها كونه لا يملك التجهيزات اللازمة ليتعامل مع مثل هذه المواد، وطالب حاملي هذه النفايات بعرضها على مختبر متخصص في لبنان.
لا معلومات كافية عما حصل في المختبر الثاني، لكن المرجح أنه رفض استقبالها لخطورتها على غرار الأول، لأن المعلومات تفيد أن هذه النفايات تم لفّها بأكياس نايلون عادية وأعيد رميها في المكب.
وعن مخاطر النفايات النووية يؤكد الخبير في الفيزياء النووية البروفيسور ولسن رزق أن مخاطرها تختلف باختلاف المواد المؤلفة منها، والإشعاعات التي تصدر عنها، وهي تؤثر سلبا على الحياة البشرية وتنبعث منها جميع أنواع الأمراض السرطانية والجلدية وغلوكوما وغيرها، وبعضها تموت مخاطرها مع الوقت وبعضها الآخر تعيش مئات آلاف السنين.
لا معدات كافية في لبنان لتبيّن ما إذا كان لدينا نفايات نووية أم لا، ولا تجهيزات مناسبة للتخلص منها، إذ إن الدول المتقدمة تتخلص منها عبر حصرها في أماكن مخصصة بعيدة عن الأماكن السكنية، ويتم طمرها بشكل كامل مع تجهيزات خاصة ورقابة يومية، وفقاً لرزق. نضع هذه المعلومات برسم النيابة العامة البيئية، نواب المتن وأحزابه، ويطالب القضاء المستعجل بأخذ دوره بحماية اللبنانيين من مخاطر تجاوزت كل الخطوط الحمر.
0 comments:
إرسال تعليق