لم يكن طريق الوصول إلى إجبار بريطانيا على تقديم تنازلات بالاعتراف باستقلال مصر معبداً بالورود والرمال وإنما حفل بالمصاعب والمتاعب ودفع الكثير من المصريين دماءهم وأرواحهم قربانًا وثمنًا له، فبعد أن احتلت بريطانيا مصر في 14 سبتمبر 1882 عقب هزيمة الجيش المصري، بقيادة أحمد عرابي في معركة التل الكبير وسقوط القاهرة في أيدي الإنجليز.
اندلعت احتجاجات لم تسكن وتيرتها، ولم يهدأ فورانها حتى قامت ثورة 1919 بقيادة زعيم حزب الوفد سعد زغلول رفضًا لسياسات الاحتلال البريطاني وللمطالبة بالاستقلال، فقاومتها سلطات الاحتلال بالحديد والنار، ومع فشل سياسة الحديد والنار في إثناء المصريين عن مطالبهم، اتبعت سلطات الاحتلال سياسة جديد لطالما اتبعها المحتل وهي سياسة «فرق تسد» فأرسلت لجنة «ملنر» للتفاوض مع الحكومة المصرية، والمصريين لإخراج حزب الوفد من المشهد، ولكن مع إدراك المصريين اللعبة ومقاطعتهم للجنة «ملنر»، ومع اضطرار اللجنة إلى التفاوض مع زعيم الأمة سعد زغلول الذي أصر على موقفه من الاستقلال الكامل وفشل المفاوضات، أصدرت اللجنة توصيات برفع الحماية عن مصر والتفاوض على استقلالها بمعاهدة تحمي مصالح بريطانيا في مصر.
وقبلت بريطانيا بتقديم تنازلات وأصدرت تصريح 28 فبراير 1922 الذي نص على إلغاء الحماية البريطانية على مصر والاعتراف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة، وإلغاء الأحكام العرفية، تهيئة البلاد لحياة دستورية برلمانية عن طريق وضع دستور للبلاد وانتخاب أعضاء برلمان مزدوج.
ولكن كعادة أي محتل وضع الإنجليز تحفظات كانت بمثابة «مسمار جحا» الذي منع مصر من تحقيق استقلالها الكامل، وفتح الباب أمام تدخل بريطانيا في شؤون مصر الداخلية.
واستمر نضال المصريين ضد الاحتلال حتى حصلت مصر على استقلالها الكامل مع قيام ثورة يوليو 1952 وتوقيع اتفاقية الجلاء 1954 والتي رحل بموجبها آخر جندي بريطاني عن أرض مصر في 1956.
0 comments:
إرسال تعليق