فريقان. الأول لا يملك أملا إلا في أن تكون إيران قوية لكي تستمر في ضخ الحياة في أوصاله وذلك الفريق يمثله حزب الله اللبناني والحوثيون في اليمن وحزب الدعوة والميليشيات في العراق.
اما الفريق الثاني الذي تتزعمه الولايات المتحدة فإنه يرغب في أن تنغمس إيران في أوهام القوة لكي تزيد من انفاقها العسكري داخليا وخارجيا وهو ما سيعجل في سقوط النظام فيها في ظل انحسار إيراداتها من العملة الصعبة نتيجة العقوبات المفروضة عليها.
ولأن إيران لا تعرف كيف تضبط حركاتها في اتساق مع ما تواجهه من تحديات فإنها ستعمل على الاستمرار في إشاعة وهم قوتها من خلال تجارب تسليحية جديدة ومناورات عسكرية، ليس لها محل من الاعراب في ما لو انهار الوضع الاقتصادي وخرج الإيرانيون إلى الشوارع احتجاجا على تدهور أحوالهم المعيشية وهو ما يمكن أن يحدث في أية لحظة.
تدرك الولايات المتحدة أن إسقاط النظام الإيراني لن يقع إلا من الداخل. وفي ذلك يكمن إعلانها المستمر في أنها لا تهدف من خلال العقوبات إلى تغيير النظام. وهو تعبير لا ينبغي التعامل معه حرفيا. ذلك لأنه ينطوي على الكثير من المعاني المضمرة.
فالعقوبات التي تدفع النظام الإيراني إلى الشعور بعزلته النسبية لا بد أن تسلمه إلى ممارسة نوع من التحدي العنيد في قضايا، تتطلب منه أن يبدي في التعامل معها الكثير من المرونة لكي يكون مقبولا في المنطقة.
بدلا من أن يفكر مليا في مسألة الفائدة التي يجنيها من بقائه في سوريا فإن النظام الإيراني يصر بطريقة جنونية على أن ذلك البقاء انما هو النسغ الذي يغذيه بالحياة ويبقيه مرئيا باعتباره قوة إقليمية. وهو ما صار يُقلق روسيا التي كان هدفها من اخراج إيران من سوريا توجيهها لاختيار الطريق التي تضمن سلامتها وعدم تعرضها للعقوبات.
إيران فهمت الرسالة الروسية خطاً وها هي تصر على استمرار وجودها في سوريا، بل صار عجز روسيا عن إخراجها من سوريا مصدرا من مصادر وهم القوة الذي تصر الولايات المتحدة على تغذيته بكل ما تملك من دعاية.
تُذكر إيران القوية اليوم بالعراق القوي بالأمس.
الدعاية الأميركية تلعب دورا في التخفيف من الشعور بالحاجة إلى معرفة الحقيقة كاملة. وهو ما شجع الفريق الموالي لإيران والمنتفع منها على تنشيط خياله في اتجاه تحولها إلى قوة كبرى في المنطقة.
سيكون من الصعب على القوى المعتدلة في إيران أن تعيد الأمور إلى نصابها من أجل أن تخلق معادلة متوازنة تضمن لإيران استمرارها في مكانتها الاقليمية من غير أن تسبب علاقاتها بالجماعات الشيعية حرجا لها على مستوى تعاملها مع دول المنطقة.
لقد تخطى النظام الإيراني الخطوط التي تمكنه من التعامل مع دول المنطقة باعتبارها دولا جارة لإيران، لها الحق في اختيار الأنظمة التي تناسبها والأسلوب الذي تتعامل من خلاله مع مواطنيها.
أخطأت إيران حين اعتبرت وصايتها المنتحلة على الشعوب وصاية على الدول التي لا تعترف بسيادتها واستقلالها وتاريخها الوطني. وهو تصرف يكشف عن غباء سياسي ومراهقة هي التجسيد الأمثل لعدم الشعور بالمسؤولية.
ذلك لأن الدول العربية التي تسعى إيران إلى اخافتها باستعراضاتها العسكرية هي دول لا يمكن المساس بها. لا لشيء إلا لأنها تمثل العصب الذي يزود العالم بالطاقة كما أنها تمثل عنصر التوازن الوحيد في منطقة تعاني من الاهتزاز وعدم الاستقرار.
وهنا بالضبط يكمن غباء النظام الإيراني.
وما التهديد بإغلاق مضيق هرمز إلا اعلان عن الرغبة في الانتحار.
تستطيع إيران أن تغلق مضيق هرمز وهو خبر يفرح مواليها ولكنهم لم يفكروا في ما يحزنهم. ذلك لأن تلك الخطوة ستمحو إيران من الخريطة السياسية. سوف لن يكون بعدها هناك نظام لآيات الله يحكم في طهران.
سيصل وهم القوة يومها إلى النتيجة المرتجاة منه.
فاروق يوسف
0 comments:
إرسال تعليق