لماذا يبدأ رئيس الوزراء اللبناني الجديد حسان دياب ولايته بلقاء مع مسؤول ايراني؟ والسؤال هنا معكوس أيضاً. هل ترغب إيران في مساعدة لبنان على النأي بنفسه خلال هذه المرحلة الحرجة من تاريخه. لا تُنبئ زيارة لاريجاني بذلك، ولا الكشف عن تمثال لقائد فرقة "القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في بلدة مارون الراس اللبنانية على الحدود.
ليس هذا المحور في وارد التنازل، بل تفوح رائحة مواجهة في الأفق، كما ظهر في الخطاب الأخير للأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله يوم أمس الاحد. من الصعب إقناع الحزب وقيادته بالابتعاد عن اتخاذ مثل هذه المواقف والالتزام بالنأي عن النفس ولو مرحلياً. وهذا مطلب عربي أساسي قبل تقديم الدعم المطلوب للجانب اللبناني. مسؤول عربي رفيع المستوى صرح لصحيفة "ذي ناشونال" الخليجية بأن الدعم العربي مشروط بإظهار الحكومة اللبنانية ابتعادها عن الصراعات الاقليمية، وأنها ليست تابعة لـ"حزب الله"، وأن يتوقف التنظيم عن مهاجمة دول الخليج. شكلاً، لا تضم هذه الحكومة عضواً في التنظيم، وليس فيها وزير خارجية معروف بولائه لإيران أو لسوريا، وبالتالي فإنها تُلبي الشروط الشكلية. لكن هل يرفض أو يتجنب رئيس الحكومة اللبنانية لقاء لاريجاني؟ وماذا عن كف التنظيم عن استهداف دول الخليج في خطابات مسؤوليه؟
إذا كانت المساعدات العربية والغربية أساسية في خطة معالجة الأزمة المالية، من الضروري تبديل المقاربة الحالية والنأي بالنفس عن صراعات المنطقة، حتى لو تطلب ذلك تضحيات حزبية، سيما أن الوقت ليس عاملاً مساعداً للجانب اللبناني. لكن كيف يُوفق الحزب بين دوره أو مسؤولياته الإقليمية الجديدة من جهة، وتحديداً في العراق ضد الولايات المتحدة، وبين متطلبات البلاد والحكومة لجهة تحييد البلاد عن الصراعات الخارجية من جهة ثانية؟
يبقى أن التركيز على الانتقام لقاسم سليماني، وعلى طرد القوات الأميركية من العراق والمنطقة بأسرها، واستقبال لاريجاني في بيروت، يرسم مساراً باتجاه مغاير لا ينسجم مع حجم التحديات التي يواجهها لبنان. وكأن هناك من يسعى لبقاء لبنان وحيداً في مواجهة أصعب أزمة اقتصادية-مالية في تاريخه.
0 comments:
إرسال تعليق