لم يأت إعلان التعبئة العامة في لبنان بأجوبة واضحة حول ما تعنيه هذه الحال. فهي مستنبطة من قانون الدفاع الوطني.
بين الطوارئ والتعبئةوما
تعنيه حال التعبئة العامة في النص هو التمهيد لحال الطوارئ في الحالات
العسكرية، أو عندما تتعرض البلاد لأي تهديد خارجي. لا تقول المادة أي إشارة
إلى حالة الطوارئ الصحية.
وجهد المعنيون كثيراً لتفعيل هذه المادة وسحبها على حال لبنان
في مواجهة فيروس كورونا. وذلك نظراً لغياب أي نص واضح ينطبق على الحال
الراهنة، وللالتباسات المتعددة في النص الدستوري والقانوني حول حال الطوارئ
التي تعلن في الحالات العسكرية، وتعني بديهياً تسلّم الجيش اللبناني
السلطة والإدارات والوزرات. وهذا يؤدي إلى تغير جوهري في الحياة السياسية
والمدنية في لبنان.
جدال متجددوللبنان مع فرض حال
الطوارئ حكاية إبريق الزيت: في كل مفترق أمني أو مصيري يسود السجال حول
إعلان الطوارئ. وهي غير واضحة في مضامينها وما ترمي إليه، بناء على قانون
يعود إلى أيام الرئيس شارل حلو، فتشتبك لتطبيقه القوى التي تفسره. ففي
العام 2003، ونتيجة النزاعات السياسية التي حصلت، حُضِّر لإعلان حال
الطوارئ، على ما اقترح إميل لحود حينذاك. وطرحت الفكرة أكثر من مرة بين
العامين 2006 و2009 من دون اتخاذ أي قرار لإعلانها فعلاً.
وتجدد الجدال في الأيام القليلة الماضية لدى التداول في
احتمال إعلان حال الطوارئ، ووصل إلى طاولة المجلس الأعلى للدفاع. وتشير
المعلومات إلى أن ثمة أجهزة أمنية رفضت إعلان حال الطوارئ وما تقتضيه من
تسليم السلطة إلى الجيش اللبناني، ولتصبح الأجهزة الأمنية كلها تابعة له
وخاضعة لأمرته.
ربما لذلك دُعي إلى إجتماع المجلس الأعلى للدفاع، قبل جلسة
الحكومة، كي لا تحدث عرقلة في اتخاذ الحكومة القرار وحدها، وتؤول مسؤولية
عدم اتخاذه إلى المجلس الأعلى للدفاع. فاجتُرح إعلان حال التعبئة العامة.
لا للجيشطبعاً،
لا علاقة للطوارئ بالتعبئة العامة. فالطوارئ تعني تسليم الجيش القرار في
البلاد ومقدراتها، ليصبح هو الممسك بزمام السلطة. وهذا لا يناسب القوى
السياسية.
فحزب الله يرفض إعلان حال الطوارئ في البلاد، لأن السلطة
بكليتها تكون آنذاك بيد الجيش اللبناني. وهذا يلبي ما اقترحته وروّجت له
جهات عديدة من ثورة 17 تشرين: ضرورة تسلم الجيش السلطة، للخلاص من الطبقة
السياسية، ومن ضمنها حزب الله. والإجراء نفسه لا يتوافق مع توجهات رئيس
الجمهورية وتياره، فرئيس التيار العوني على علاقة غير جيدة بقائد الجيش،
وكان يسعى في الفترة الأخيرة إلى إقالته وتعيين بديل منه. لذا لا يمكن أن
يوافق على هذه الخطوة، وما تعنيه من تسليم السلطة إلى قائد الجيش.
نعم للغموضلذا،
جاء إعلان التعبئة العامة مبهماً. والقرارات التي اتخذت حملت الكثير من
الاجتهادات والاستثناءات. وذلك بسبب عدم القدرة على اتخاذ أي قرار حاسم
وواضح. كإعلان إقفال المؤسسات والإدارات الرسمية، واستمرار العمل في مرافق
متعددة. فظلت الأمور غير واضحة، ولا تزال تنتظر صدور تعاميم عن الوزارات
بشأن آليات استمرار العمل في الإدارات التابعة لها.
وبما أن حال الطوارئ لم تُعلن، حصلت سجالات متعددة مع قيادة
الجيش حول كيفية التعاطي مع الوضع على الأرض، لجهة ضبط حركة المواطنين
وتجمعاتهم. وفيما أُعلن أن الجيش سيعمل على إقامة حواجز في المناطق والطرق
للحد من حركة المواطنين ووقف عمل الباصات العمومية، سارع الجيش إلى نفي هذا
الأمر. وكأنما كان يُراد للجيش أن يكون في مواجهة المدنيين، من دون قرار
سياسي. لذا وضِع الأمر على عاتق الأجهزة الأمنية الأخرى.
Posted in: لبنان
إرسال بالبريد الإلكتروني
كتابة مدونة حول هذه المشاركة
المشاركة في Facebook
0 comments:
إرسال تعليق