ما بعد إنجاز الحكومة التعيينات المالية، ليس كما قبلها.
هذا ما
بدا واضحاً في مسارعة السفيرة الأميركية دورثي شيا إلى القصر الجمهوري.
فالولايات المتحدة الأميركية كانت قد اشترطت اشتمال التعيينات محمد بعاصيري
نائباً لحاكم مصرف لبنان، وحاول الرئيس عون اقتراح صيغة أخرى: تعيين
بعاصيري رئيساً للجنة الرقابة على المصارف.
تعيينات بطوليةحزب
الله رفض رفضاً قاطعاً تعيين بعاصيري، لأنه مطلب أميركي، معتبراً أن موقفه
هذا لن يستتبع أي تداعيات، وأن المرحلة تقتضي مواجهة الأميركيين، لا تقديم
التنازلات لهم. وهذا علماً أنه أقدم على أكثر من خطوة تنازلية تجاههم، فلم
يكترثوا بتنازلاته، واستمروا بضغوطهم عليه.
أُقرت التعيينات، وطار بعاصيري. فباسيل وعون كانا مستعجلين
إقرارها. فهي تساعدهما في السيطرة على المفاصل المالية في الدولة
اللبنانية. ورغبتهما هذه طوّحت بهما خارج أي انتباه لما يمكن أن يكون عليه
الموقف الأميركي، ولا لتداعيات خطوتهما المتهورة التي انعكست سريعاً على
سعر صرف الدولار، فارتفع محلقاً متفلتاً من أي ضوابط.
سيستمر سعر الدولار بالارتفاع. البهلوانيات الأمنية
والقضائية، وكذلك المنصات الإلكترونية، لن تؤدي إلى تخفيضه أو تثبيته.
المعادلة بسيطة: لا شيء يحدّ من ارتفاع سعر الدولار سوى تدفق الدولارات من
الخارج. وهذا أمر مستحيل بعد المواجهة مع الأميركيين.
دعم الأسد بالدولاروارتفاع سعر الدولار الجنوني
أمس يعود - إلى جانب تأثير الأزمة المالية والإقتصادية - إلى مسألتين
أساسيتين: الأولى تداعيات التعيينات المالية، وانعكاسها انعداماً للثقة.
والثانية استمرار حزب الله في مواجهة الأميركيين وقانون قيصر، وإصراره على
الانفتاح على النظام السوري، وتوفير كل مقومات دعمه، عبر عمليات التهريب.
فالحزب المقاتل دعماً للأسد، لا يريد التراجع أو الاستسلام
للأميركيين. وتشير بعض المعطيات إلى أن ارتفاع الطلب على الدولار، ناجم عن
إرسال كميات كبرى من الدولارات إلى سوريا قبل 17 حزيران موعد دخول قانون
قيصر حيز التنفيذ. وهذا لدعم الليرة السورية والحؤول دون انهيارها إلى حضيض
الحضيض. وللقول إن هناك قدرة لبنانية سورية مشتركة على مواجهة تداعيات
قانون قيصر.
غضب أميركياللقاء بين السفيرة الأميركية عون
تركز على نقطتين أساسيتين: إعلان الغضب الأميركي من التعيينات التي أقرت
ولم تشمل محمد بعاصيري، أو عدم تأجيلها للتفاهم على الأسماء. والمسألة
الثانية هي تنبيه عون إلى ارتباط لبنان وثيقاً بقانون قيصر وتداعياته.
كانت الرسالة واضحة: "بعد الخطوات التي اتخذها لبنان في
التعيينات، لن تكون واشنطن مسؤولة عن تداعيات تطبيق قانون قيصر". وبمعنى
آخر: الضغوط الأميركية على لبنان ستتكثف وتشتد في المرحلة المقبلة. وربما
ستطبق مندرجات قانون قيصر على لبنان واللبنانيين بصورة سريعة، بدلاً من
تأجيلها. وهذا سينعكس مزيداً من الضغوط والتدهور والانهيار في لبنان.
بعد تحذيرات كثيرةلكن
الرسالة التي أبلغتها السفيرة الأميركية لرئيس الجمهورية ليست الأولى من
نوعها. فحسب المعلومات هناك أكثر من رسالة وُجِّهت إلى المسؤولين
اللبنانيين. ومن بينها أن واشنطن تمكنت من إغلاق المعابر بين الأردن
وسوريا، وبين العراق وسوريا.
لذا لا بد من إغلاق الحدود بين لبنان
وسوريا، وإلا سيكون مصير لبنان كارثياً. وهناك رسالة أخرى تتضمن تحذيراً
حاسماً من استمرار بعض الوزارات اللبنانية بالتعاطي مع الوزارات السورية.
وفي حال استمرار هذا التعاون ستطال العقوبات ستطال الوزارات اللبنانية.
مراهنات خياليةأكثر
من مرة حاول لبنان تمرير بعض المواقف للأميركيين: من إطلاق سراح الفاخوري،
إلى ومحاولات باسيل ورهطه إعلان مواقف تخالف حزب الله وتنتقده. لكن واشنطن
في المقابل لم تخفف ضغوطها.
أما الإقدام العوني - الحزب اللهي على مجابهة الأميركيين على
هذا النحو، يُعدّ جنوناً في هذه المرحلة. لذا ستكون تداعيات هذه المجابهة
خطيرة جداً على لبنان واللبنانيين. إلا إذا كان هناك من يراهن على أن هنالك
في الخفاء تحضير لإبرام اتفاق معين. لكن لا يبدو حتى الآن أن ذلك متوفر.
Posted in: لبنان
إرسال بالبريد الإلكتروني
كتابة مدونة حول هذه المشاركة
المشاركة في Facebook
0 comments:
إرسال تعليق