الجمعة، يونيو 12، 2020

برّي وجنبلاط على ضفافِ "السويداء"!

ادت الهتافات المُطالبة برحيل الرئيس السوري بشّار الأسد لتصدح مُجدّداً في مدينة السويداء، وسط تظاهرات سلميّة استعادت مشاهد من بدايات الثورة يوم نزل الشعب السوري إلى الشوارع ليهتف "يلا إرحل يا بشّار" احتجاجاً على تردّي الأوضاع المعيشيّة والإقتصادية والإجتماعيّة.

من نافلِ القول أن الوضع الإقتصادي في سوريا اليوم قد وصل إلى الحضيض خصوصاً بعدما لامس سعر الدولار عتبة الـ 3200 ليرة سورية لأوّل مرّة في تاريخه، الأمر الذي انعكس على المعيشة بشكل عام مما أدّى إلى خروج العديد من الأهالي في أكثر من بلدة ومدينة، للتعبير عن غضبهم، وعلى رأسهم السويداء التي لطالما حاولت النأي بنفسها عن كل الصراعات السياسيّة سابقاً.
 اليوم، تعود الدعوات المطالبة برحيل الأسد من منطقة سوريّة ينتمي معظم سُكّانها لطائفة الموحدين الدروز، مما استدعى النظام السوري وجوقته المُمتدة إلى لبنان، إلى تسييس هذه التظاهرات نظراً للعلاقة الوثيقة التي تربط أهالي السويداء برئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط الخصم اللدود للنظام السوري الذي كان ردّ في إحدى جوانب معاركه السياسيّة مع زعيم الجبل، بارتكاب مجزرة مروّعة في السويداء. وكانت تلك المجزرة بمثابة رسالة ثنائية، لجنبلاط عموماً، ولأهالي السويداء خصوصاً.

مصادرٌ من داخل مدينة السويداء كشفت أن المُحرّك الأساس للتظاهرات التي تحصل منذ أربعة أيّام في المدينة، تعود الى مجموعة من التراكمات أبرزها الوضع المعيشي الصعب المُهيمن على كل سوريا، بالإضافة إلى غض جماعة النظام الطرف عن الإرتكابات التي تُمارس في السويداء من عمليات خطف وابتزاز وقتل، وليس آخرها حرق محاصيل القمح، كل ذلك يحصل على يد شبّيحة النظام في وقت يتخذ فيه هذا الأخير، دور المُتفرّج.

وتكشف المصادر أن إستهداف السويداء وأهلها على يد النظام السوري، هو بمثابة تدفيعها ثمن حياديتها عن كل ما حصل منذ بداية الثورة وقرارها بعدم إتخاذ أي موقف مُعادٍ ضد أي جهة، وذلك في وقت كان وما زال النظام يحاول عبثاً جرّها إلى المستنقع الذي يغرق فيه، بهدف توريط "الدروز" في حروب أهليّة سواء مع أهالي درعا مثل ما حصل في آذار الماضي، أو مع أهالي بلدتي القريّا وجرمانا.
 في عزّ الغليان الذي تعيشه السويداء وعودة الشعارات الداعية لرحيل النظام السوري، ثمّة سيارة لسياسي لبناني ينتمي للطائفة الدرزيّة، كانت عبرت الحدود اللبنانية منذ يومين نحو الداخل السوري حيث التقت رئيس جهاز الأمن الوطني محمد ديب زيتون الذي حلّ مؤخراً بديلاً للواء علي مملوك الذي أصبح نائباً للرئيس السوري.

يكشفُ المصدرُ أن الشخصيّة وصلت إلى دمشق حاملة في جعبتها مجموعة اتهامات ومطالب، أبرزها اتهام جنبلاط شخصيّاً، بالوقوف وراء تظاهرات السويداء بمعاونة بعض القياديين من داخل حزبه عن طريق التواصل مع عدد من الناشطين في السويداء، وذلك تماهياً مع التحريضات التي تقوم بها إسرائيل ضد النظام السوري عبر مجموعات ناشطة من دروز إسرائيل، ودائماً بحسب الشخصيّة السياسيّة "ابو العُرّيف" كما يُسميها المصدر.

لم تقف حدود اتهامات الزائر السياسي لمكتب زيتون عند جنبلاط، إنّما طالت أيضاً بحسب المصادر، رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي من خلال اتهامه بالوقوف إلى جانب جنبلاط والرئيس سعد الحريري ورئيس حزب "القوّات اللبنانية" سمير جعجع في مواجهة فريق "8 أذار"، بالإضافة إلى تقديمه شروحات مطوّلة تتعلّق بدور رئيس المجلس، بإجهاض تطبيق السياسيات الداعمة لسوريا وإستعادة دورها.

في السياق ترفض مصادر مقرّبة من جنبلاط الرد على أي نوع من الإتهامات التي تطاله ولا الدخول في بازارات جانبيّة لا تُقدّم ولا تؤّخر، بالنسبة اليها يكفي رأي جنبلاط المسموع داخل "الطائفة" والدور الوطني الذي يقوم به على صعيد الوطن كلّه، بالإضافة إلى دعواته الدائمة والمتكرّرة لعدم خضوع الدروز في داخل إسرائيل للتجنيد الإجباري وإلى الحفاظ على هويتهم العربيّة قبل أي شيء أخر.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية