الجمعة، يناير 24، 2014

سعد الحريري..ٳن حكى

تابعت، كغيري من المهتمين بالشأنين السوري واللبناني، مقابلة الشيخ “سعد الحريري” مع راديو “اوربا رقم واحد” والتي تمت باللغة الفرنسية وأعادت “بيروت اوبزرفر” نشرها متلفزة.
في بداية المقابلة، قدم المذيع السيد “الحريري” على أنه رئيس وزراء لبنان السابق و”المقل في ظهوره وتصريحاته…” لم تمض دقائق على بدء المقابلة حتى ظهر جلياً السبب وراء قلة ظهور السيد “سعد الحريري” على وسائل اﻹعلام…
دعنا من اللغة الفرنسية الضعيفة لرجل صار له قرابة ثلاثة أعوام في فرنسا، لننس أنه قد “ذكّر” المؤنث و”أنّث” المذكر فهذه أخطاء تحصل مع كثيرين، لكن عجز الشيخ “سعد” عن لفظ الحروف الفرنسية بشكل صحيح رغم تربيته الراقية ذكّرني “رغماً عني” باللسان “الواضح والطلق” للوريث السياسي الآخر، ذاك القابع في “دمشق”.
لندع الشكل جانباً ونناقش المضمون.
السيد “سعد الحريري” جعل في حديثه من “بشار الأسد” صاحب القرار الأول واﻷخير ليس فقط في اغتيال والده بل في اغتيال الشهيد “شطح” أيضاً…بالنتيجة وبحسب الشيخ “سعد” فحزب الله يبدو “مغلوباً على أمره” في النهاية ولايسعه سوى أن يطيع أوامر “الولد” الحاكم في دمشق.
ياسبحان الله، ونحن الذين ظننا أن السيد “حسن نصر الله” هو رجل إيران المفضل في المنطقة وأن “بشار” ليس أكثر من “رجل كرسي”.. السيد “الحريري” أسكت ألسنة السوء من أمثالنا والتي اعتقدت، عن خطأ في التقدير وجهل فاضح بالتأكيد، أن اغتيال “رفيق الحريري” هو قرار إيراني – حزب ٳلهي مشترك تجاوز “بشار” ونظامه وسمح بإخراج قوات “الردع” من لبنان لتلزيمه لجيش الولي الفقيه حصراً…
قد يكون الأخرق “بشار” على علم بالقرار وقد يكون حتى موافقاً عليه، لكننا نشكك في قدرته على اعتراض قرار سيده “الولي الفقيه” حينها، ناهيك عن إعطاء الأوامر بقتل السيد “شطح” مؤخراً؟…كأن “بشار” لايهمه سوى السياسة الداخلية اللبنانية ومماحكاتها رغم كل الدمار والقتل من حوله.
ثم ليشرح لنا الشيخ “سعد” لماذا لا يوجد أي متهم سوري بشكل مباشر والخمسة المتورطون بالجريمة كلهم من حزب “نصر الله”؟ هل كلهم “دراويش” ضحك عليهم “بشار” وجعلهم ينفذون مخططاته الخبيثة بحيث تلتصق التهمة بحزب الله” الحباب والطيب” إن انكشف فاعلو الجريمة؟
يظهر خطاب السيد “سعد الحريري” وكأنه انبطاح أمام قوة السلاح “الإلهي، والبريء من دم أبيه” بما يمهد ربما لعودة الرجل إلى قريطم تحت حراب “السيد”…
الوصف الأفضل لخطاب السيد “سعد” هو أنه خطاب مزرٍ ولايليق برئيس وزارة سابق أو مقبل. الرجل بدا مترهلاً و”غير ذي صلة”  ومنافقاً بعض الشيء حين تحدث عن “الهبة” السعودية لصالح الجيش اللبناني في حين يختبئ هو، رئيس وزراء لبنان السابق، بحماية الدولة الفرنسية ولايجرؤ على العودة لقصره المفترض بالجيش اللبناني أن يحميه…
من لا يعرف “سعد الحريري” كان سيظن أن الرجل موظف في سفارة آل سعود في فرنسا مكلف بشرح سياسة المملكة….تجاه “بشار اﻷسد”…
ثم ماهي جدارة الشيخ “سعد” الاستثنائية ليؤكد أنه “سيعود ليصبح من جديد رئيس وزراء للبنان”… ما شاء الله، توريث في “البلدين الشقيقين” وكأن لبنان، شعلة الحضارة والثقافة بلغ من العقم درجة تجعل من الشيخ “سعد” الوحيد المؤهل لترؤس الوزارة… وكأن الطائفة السنية في لبنان قد أجدبت وعجزت نساؤها عن إنجاب “تحفة” تضاهي الشيخ “سعد”.
من يستمع لخطاب الحريري الابن لايسعه إلا أن يقارن بين ضحالة فكر الرجل وعقمه السياسي وبين عملاق مثل الدكتور “سمير جعجع”.
لانستطيع إلا أن نأسف لكون القرار السني في لبنان في يد لا تبدو أمينة ولامخلصة، لا لمبادئها ولا لبلد الأرز قدر إخلاصها وولائها “لخادم الحرمين” وقراراته وصفقاته.
علينا المقارنة بين “سيد المقاومة” وداعمه الإيراني من جهة وبين “الشيخ سعد” وراعيه الإقليمي من جهة أخرى والمقارنة ليست على الإطلاق لصالح الشيخ “سعد” ولا سنة لبنان ولا حتى مملكة آل سعود. فالطرف الأول يملك القوة والتماسك ويتحرك ضمن سياسة مدروسة وعقلانية رغم إجرامها، في حين يكتفي  “الشيخ سعد” بالبكاء على الأطلال و”بالدعاء” وبانتظار الفرج الآتي من الغيب وهو يعلم علم اليقين أن لا أحد سيأتي لتوقيف القتلة ناهيك عن نزع سلاح زعران “نصر الله”.
في رأينا المتواضع، بإمكان الشيخ “سعد” أن يبقى إلى ماشاء الله في فرنسا، أو السعودية، فوجوده في لبنان، أو على وسائل الإعلام، “مثل قلته”…
مأزق “الشيخ سعد” ليس محصوراً بشخصه ونجد أزمة مشابهة لدى “الحصان” السعودي الآخر، رئيس الائتلاف الوطني السوري، “أحمد الجربا” الذي جمع المجد من أطرافه فهو فاقد للكفاءة والكاريزما وحتى للكياسة والتهذيب اللذين يتميز بهما الشيخ “سعد”…
وراء هذين الرجلين تكمن أزمة عميقة لدى راعيهما الإقليمي السعودي الذي يتعامل مع حلفائه كأجراء مطلوب منهم أن يكونوا فاقدي الشخصية والاستقلالية بحيث يتحولون إلى بيادق في لعبة شطرنج إقليمية مطلوب منهم حماية “الملك” والتضحية من أجله ولاشيء غير ذلك.
في هذه السياسة قصيرة النظر والمفرطة في أنانيتها وتمركزها حول هدف أسمى هو حماية العرش السعودي يخسر الجميع…سوى الملك، أقله على المدى القصير.
الخاسر الأول هم رجال السياسة هؤلاء الذين تحولوا عالة على مجتمعاتهم وطائفتهم، يبقى أن الخاسر الأكبر هو الطائفة السنية التي تجد نفسها، بفعل سطوة المال السعودي خاصة، أسيرة مثلث جهنمي يستنفذ فرصها في البقاء والدفاع عن نفسها. يتبدى هذا المثلث في الحالة اللبنانية عبر قيادة سياسية مترهلة وعاجزة للطائفة السنية، ينحصر دورها في تنفيذ أوامر الرياض وقيادات “كاريكاتورية” معزولة مثل الشيخ “أحمد الأسير” وحراك جهادي مدمر ذو نفس وهابي تكفيري بدأ يتسلل إلى بلاد الأرز. هذه وصفة مضمونة لانقراض الطائفة السنية…
في النهاية، لن يكون ممكناً للسنة، سواء في سوريا أو في لبنان، أن يدافعوا عن أنفسهم وعن بقائهم كطائفة وكمجموعة بشرية وثقافية متميزة، دون الخروج من العباءة السعودية الحصرية ودون الانتقال من حالة التبعية العمياء للعرش السعودي إلى علاقة تحالف متوازن لصالح الجميع.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية