عامل محطة وقودقبل الأزمة كان وضعنا جيداً. منذ 17 تشرين بدأنا نشحذ. كنا قد استدنا من القرض الحسن التابع لحزب الله على سعر 1500 ليرة للدولار، والآن نسدّد القروض على سعر 2400 ليرة. جهات أخرى في الجنوب تستوفي قروضها على سعر الصرف القديم. الأسعار ترتفع والحزب لا يساعد في حل الأزمة.
موظف في القرض الحسنعناصر حزب الله ليسوا جميعاً مقاتلين. شطر كبير منهم موظفون في مؤسساته: مدرسون، ممرضون، محاسبون.. رواتبهم متدنية. والحزب يؤمن لهم أساسيات التعليم والطبابة. بعد الانتصارات في حرب تموز وسوريا كانوا مفعمين بفائض القوة، بقدرتهم المطلقة على المواجهة والنصر. وجاءت الأزمة لتعيدهم إلى واقعهم الهش. أنا وكل الشباب، لم نكن قبل الأزمة نستأجر شاليه على البحر، ولم نستمتع بهواية التزلج، ولم نسافر إلى أوروبا للسياحة، مثل كثرة من اللبنانيين. كنا نعيش لنأكل ونشرب وأقصى ما نستطيع التفكير به هو تغيير سيارة أو تحسين غرفة الأطفال.
شريك في الفسادوتابع موظف آخر في القرض الحسن: حتى العام 2005 نأى حزب الله عن المشاركة في الحكم. بعد اغتيال الحريري والانسحاب السوري صار حضوره في الحكومة ضرورياً لحماية سلاحه. طوال مشاركته في الحكومة، لم يقدم خطة اقتصادية تجنب لبنان خطر الانهيار. تحالف مع جهات يعتبرها جمهوره فاسدة. الحلفاء استغلوا حاجته إليهم، وفرضوا توجهاتهم على الأخرين مستظلين بسلاحه. بنى حزب الله مستشفيات ومدارس لمنفعته الخاصة. مستشفى الرسول الأعظم هدفها الأول معالجة جرحى الحرب. شركاؤه يقفون عقبة أمام أي تغيير محتمل. تحالفه مع حركة أمل والتيار العوني خاطئ. سكت عن فسادهما ليحمي سلاحه وصار شريكهما في الفساد.
أميركا و7 أيارموظف ثالث يقول: قمنا بـ 7 أيار للحفاظ على سلاحنا، كان يجب أن نقوم بمليون 7 أيار من أجل أم الشهيد وأخ الشهيد وكل التضحيات التي قدمناها. هؤلاء يستحقون كهرباء ومياه وحياة كريمة.
معلم في مدارس المهديعندما بدأت ثورة 17 تشرين، تجمع بعض الجنوبيين في صيدا وصور والنبطية وبنت جبيل وصور. حتى عناصر حزب الله ومؤيديه كانوا من المطالبين بالتغيير. أقله في الأيام الأولى من الثورة. من لم يخرجوا إلى الشارع كانت قلوبهم هناك، وبدأوا يعلقون الآمال على الثورة. في اليوم الأول من الثورة لم أكن مؤمناً باستمرارها.
لكن مع الوقت شعرت أن شيئاً جدياً يحدث. تحمست للمشاركة. حزب الله لم يدعمها مع أن العديد من مؤيديه كانوا على الأرض. بعد أيام قليلة طلب حزب الله من مناصريه الإنسحاب من الشارع. كان هدفه توكيد طاعته. ومع الوقت استطاع ترسيخ الانقسام في الشارع. أراد الحزب ألا يركب أحد موجة الثورة. لكن ما حدث لاحقاً هو العكس. استقالت القوات اللبنانية وانضمت للثورة، ثم انضم سعد الحريري. كل من أجل مصالحه ولإحراج العهد. في طرابلس سيطرت جماعة أشرف ريفي. في صيدا سيطرت الجماعة الاسلامية بعدما طردت أنصار أسامة سعد. في جل الديب سيطرت القوات اللبنانية على الشارع. ونحن لا نستطيع أن نكون معهم.
نحن يائسونوتابع محدثنا: حال اليأس تسيطر علينا اليوم. نحن الذين أدى خروجنا من الشارع إلى انقسامه وتراجع زخمه، يأسنا من التغيير. الحكام الآن أمراء حرب. جنبلاط وبري وسواهم استولوا على مناصبهم بالقوة، ولن يسلموها إلا بالقوة. أقنع حزب الله عناصره بأن لبنان ولد هكذا وسيبقى هكذا إلى الأبد. بلد الانقسامات والمشاكل. هدفهم الآن يتركز على النجاة في بيئة معادية. يعيشون ليأكلوا ويشربوا. يريدون البقاء على قيد الحياة. ليسوا أقوياء كما تصوروا سابقاً. إنهم على قيد الحياة وهذا يكفي.
0 comments:
إرسال تعليق