الثلاثاء، مايو 08، 2012

الدولار الأمريكى والحضارة المصرية ج5


التنوير (ب)
الأصل فى التنوير أو الإستنارة أن يكون عملا فردياً حتى وإن حدث الوصول إليه خلال مجموعة : فهما حال ذاتى وإن نَضَح فى أفعال عامة وعلاقات إجتماعية .لكن حدث فى الأول من مايو 1776 أن أنشأ آدم وايزهابت (Adam weishaupt) وهو أول مدنى (أى من غير الكهنة ، أى الأكليروس) يشغل منصب أستاذ القانون فى جامعة انجولستاد شمال منطقة بافاريا ؛ جماعة سماها (Illuminati) .ولفظ (Illuminati) التى سُميت به الجماعة أو المنظمة من أصل لاتينى ، مفرده اللفظ اللاتينى (Illuminatus) ، صار يرمز إلى العصر الجديد new world order (NWO) . وقد يطلق على أعضائه صفة (perfectibilitis) أى الساعون إلى الكمال . كما قد تسمى الجماعة نظام المستنيرين (Illumanati order) أو مستنيرو بافاريا (Bavarian Illuminati) أو الإستنارة (Illuminism) .


وقد ضم هذا التنظيم عددا كبيراً من أصحاب الفكر الحر (freethinkers) والمستنيرين والساسة ذوى النزعات التقدمية ، ومنهم – على سبيل المثال – جون جوته شاعر المانيا العظيم وجون هردر ودوقا جوثا وفيمار ، وفولتير فيلسوف فرنسا الشهير .وقد إخترق هذا التنظيم الماسونية الأوروبية للعمل ضد المسيحية وضد الأسر الحاكمة وضد المجتمع ، ثم إنضم تنظيم المستنيرين إلى الماسونية فى شهر يوليو عام 1782 .


وكان يجمع الماسونية ومنظمة الإستنارة أن كليهما يعمد إلى تحصيل المعرفة المقدسة أو المعرفة الباطنية (Esoteric knowledge) ، والإتجاه إلى محاربة الكاثوليكية والإلحاد (Atheism) (بإعتبار أن الكاثوليكية – كما كانوا يعتقدون – زيوغ عن الدين وتجسيد للديانة المنظمة Organized Religion) . كما أن الإلحاد يفصم الإنسان عن الكون ويفصله عن الخالق وعن ذاته . وكانت الماسونية تُعد ديانة هى فى حقيقتها الديانة المصرية القديمة ، ولا تقدم كل معانيها ومفاهيمها إلا لمن يصل إلى الدرجة 33 من درجاتها ، مثل فرانكلين روزفلت الرئيس الأسبق للولايات المتحدة . وكان ضمن طقوسها التى لابد أن يؤديها من كان فى الدرجة الثالثة أن يمثّل بنفسه موت أوزير ودفنه ثم قيامته ، ويُسمى أوزير فى هذه المرحلة وذلك الطقس حيرام أبيف أى الإنسان النبيل ، وكان المستنيرون يتعلقون بتراث مدينة منف (ومنه الخلق بالكلمة) وبالتراث المصرى القديم ، تراث مصرايم أى (الماسونية المصرية) . ومصرايم هو إسم مصر فى اللغة العبرية ، أما إيجيبت (Egypt) إسمها فى اللغات الأخرى فهو من أصل يونانى ، إشتقه الإغريق من لفظة (gypto) جيبتو بمعنى الأرض السوداء .


وإذ لم يكن ثمت إندماج كامل بين الإخوان الماسونيين وبين تنظيم المستنيرين ، فقد كان يُوجد ماسونيون مستنيرون (بمفهوم التنظيم) وماسونيون ليسوا كذلك . وقد ساعد هذا الوضع بيوتات مالية وسياسية ماسونية شهيرة على أن تقدم خدمات لتنظيم المستنيرين ، وأن تأخذ عنهم ومنهم بعض نتاجهم ، ومن هذه البيوتات روكفلر ، وروتشيلد ، ومورجيان ، وهاريمان ، وملز ، ودلاس ، وفيربرج ، و روزفلت ، وهاوس ، وباروخ .


فى عام 1777 أصبح كارل تيودور حاكما لبافاريا . وبإيحاء من الكنيسة الكاثوليكية ، التى كانت منطقة بافاريا تخضع لها ، ولأن هذه الكنيسة كانت تخشى الفكر المصرى القديم الذى كان يعتنقه ويروج له كل من الماسونيين والمستنيرين ، فقد أصدر عام 1784 قراراً بإلغاء كل الجمعيات السرية ، وكان من ضمنها ولا شك منظمة المستنيرين . غير أنه مع حل المنظمة صار أنصار الإستنارة بغير قيود تنظيمية ، فاستمروا فى جهودهم ، بصورة أو أخرى حتى الوقت الحاضر ، ويقال فى ذلك إنه كان منهم ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا الأسبق ، ودافيد روكفلر رجل المال الشهير ، وزبيجينو برزنيرنسكى مستشار الأمن القومى للرئيس الأمريكى الأسبق كارتر ، وهو الذى دفع الإسلام السياسى إلى دخول أفغانستان للجهاد ضد الإتحاد السوفييتى ، فخلق بذلك مشكلة الإسلاميين (Islamists) الذين عملوا لحساب الولايات المتحدة فسُمّوا آنذاك بالمجاهدين ، ولما رغبوا أن يتسلّموا السلطة فى الشرق الأوسط بعد هزيمة الجيش السوفييتى ، ولم يجدوا رداً على طلبهم هذا من الولايات المتحدة إنقلبوا عليها فصاروا يُسمّون من ذلك الوقت بالإرهابيين ، وصار أمير المجاهدين أمير الإرهابيين ؛ وهو ما كان يعرفه ويقصد إليه برزنيرنسكى.


وهكذا أدى التخطيط البعيد والمثابرة الهادفة إلى أن تُوجد مواجهة كبرى شاملة بين الإسلام السياسى والعالم كله ؛ وهو ما يطلق عليه برزنيرنسكى وأمثاله تعبير الفوضى الخلاقة (Creative Chaos) أو ما يقال عنه إنه من الفوضى ينشأ النظام (Order from chaos) .


فى الظلام لا تبدو معالم الأشخاص أو حدود الأشياء ، وفى الخفاء لا تظهر الأدلة واضحة ولا تكون القرائن مستبينة ؛ لذلك فإن حل تنظيم المستنيرين لم يقض عليهم وإنما نقلهم إلى الخفاء وطوى أعمالهم فى الظلام ، فإذا بأحداث كثيرة تنسب إليهم ، ويقام على هذه النسبة – بعض الأحيان – دلائل وتقدم براهين .
فمما يقال إن هذه الجماعة كانت وراء الثورة الفرنسية عام 1789 ، وأنها هى السبب الرئيس فى الثورة الشيوعية عام 1917 ، وهى التى تسببت فى الحرب العالمية الأولى ، وأدت جهودها إلى الحرب العالمية الثانية – وهلم جرا فى كل الحروب العالمية والنزاعات الشاملة .


والمؤكد أنها من جانب ، والإخوان الماسونيين من جانب آخر ، كانوا يهدفون آملين ، وظلوا يعملون جاهدين على أمور محددة هى:-


أولاً : تدمير العاهليات (الأوروبية) ، لأن هذه العاهليات (ملكية) أو إمارة أو دوقية أو ما شابه ، هى التى تتساند بالكنيسة الكاثوليكية (وهى فى تقديرهم ديانة منظمة وكهانة مُرتّبة) كما أنها تتراكن إلى التأييد الجماهيرى السطحى والمزيف ، والذى يضع العاهلية موضع الألوهية ، فيقبل منها أى تصرف ولو كان ظالماً ويُرتضى أى مسلك وإن كان مشيناً . ويحدث تسويغ لذلك بما سُمى حق الملوك الإلهى فى الحكم (Divine right of the kings) .


ثانياً : تقويض الكنيسة الكاثوليكية ، ذلك بأنها (كما يرون) تنظيم لديانة من عندها وترتيب لكهانة من وضعها ، وهى تفرض على الناس ولاءً لها ورضاءً بكهانتها ، وتجعل المعبد فى أبنيتها وأديرتها ، مع أن المعبد الحقيقى هو قلب الإنسان ؛ وإذا ما خرج من هذا المعبد فقد ضاعت بوصلته فى معرفة الله والتعارف إلى الكونية والإنسانية ، وارتبط والتصق بكل ما هو برانى غير جوانى ، وخارجى غير داخلى ، وظاهرى غير باطنى ، وكل ما كان بعيداً عنه غير كامن فيه ، وهى أوضاع لا تتحقق بها معرفة كونية ولا عقل حُرّ نزيه ولا قلب صادق مستقيم .
فالديانة المنظمة لا الدين ، والكهانة المرتبة لا المُعلم ، هى التى تدمر الإنسان لأنها تحريف للذات الإنسانية ، وتزييف للطريق الصحيح إلى الألوهية .

ثالثاً : تحطيم النظم الإجتماعية والتراث البشرى ؛ لأن هذه وتلك – فى تقديرهم - خليط متجانس ونسيج متآكل من الإشاعات الخاطئة ، والممارسات المنحرفة ، والتقليديات العفنة ، والموروثات الفاسدة ، والمواضعات الملتبسة ، والمأثورات الضالة ؛ وأنه لا يمكن فكّ النسيج وإعادة نسجه أو بدء العجين على ما كان من قبل عجنه لإصلاح أى شىء أو لتصحيح أى موضوع أو لتفكيك أى خطأ ، أو لتنقية أى شخص ؛ ذلك أنه قد تآكل النسيج وتعاجن الخليط بصورة جعلت الناس جزءا منه وبعض واقعه . فصاروا كالقطيع الأعمى لا يبصرون الحقائق ولا يميزون الأشياء ولا يقدرون على ملكة النقد (spirit of inquiry) ، إلا إذا أُزيل النسيج كله وأُلقى بالعجين جميعاً ؛ فيمكن أن يبدأ شىء صحيح ووضع صادق وإنسان مستقيم .

ولا يُستفاد من ذلك أن إتجاه الإستنارة أو منظمة التنوير ، فى كل خلاياها الظاهرة والخفية ، كانت تسعى إلى الفوضى (Chaos) فى ذاتها والعدمية (Anihalist) ؛ فالعكس هو الصحيح لأنه لا يمكن لأى تعديل أن يكون ولا يمكن لأى تصحيح أن يدوم ، إلا إذا أزيل القديم العفن المتهالك تماماً .
وأفضل مثال فى ذلك الثورة الفرنسية . فقبل هذه الثورة كانت هناك طبقات ثلاث ، هى طبقة الكهانة وطبقة النبلاء والعامة من الناس ، وبعد الثورة ، ورغم حدوث فوضى شديدة كان منها عصر الإرهاب (بقيادة روبسبير) فإن الطبقات إختفت ولم تعد توجد طبقة ولا أى طائفة ولا أى قبيلة ولا أى عشيرة ، بل صار هذا الولاء إلى الوطن كله ، وصار كل فرد فيه مواطناً (بالفرنسية والإنجليزية Citizen , citoien) يتساوى فى الحقوق والواجبات مع كل فرد آخر من مواطنيه .


لقد كان اتجاه الإستنارة (أو المنيرين) ضد الفوضى (Ant chaos) ، لكن تهديم الأوضاع السائدة كان ضرورة يرونها لازمة لخلق النظام الالهى ، وأحد عناصره ماعت (الحق والعدل والإستقامة والنظام) .
والدليل على ذلك كثير ، تتخير منه الدراسة ما يلى :-


(أ) فقد كان أهم سلاح لهم فى حروبهم مع أنفسهم وحروبهم مع الغير هو المعرفة الباطنية (Esoteric) أو المعرفة الإلهية أو المعرفة المقدسة – وهى معرفة تقوض الفكر الدينى الموضوع وتهدّم الديانة المنظمة والكهانة المرتّبة .
وهو ما دفع بالكثير من أنصار هذه وتلك إلى الإدعاء بأن تاريخ تأسيس نظام الإستنارة ، بإنقلاب أول مايو 1779 ، إنقلاب يؤدى إلى تطبيق مبدأ ماعت ، كما كان يُشار إليه بأنه إنقلاب ماعت .
(ب) أن آدم دايزهابت مُنشىء الجماعة وصاحب الباع الطويل فى كل مناشطها ، كان يعتقد – مثل قدماء المصريين – أن كل ما فى الكون ينبنى على أعداد ، وكان يرى أن العدد المهم هو الرقم 5 . ومن هذا المفهوم كان الماسونيون المصريون قد أهدوا إلى سليمان علَماً يقوم على نجمة خماسية (pentagram) ، وكانت النجمة السداسية (Hexagram) إشارة أو رمزاً لهم هم . غير أن اليهود أخذوه عنهم واقتبسوه منهم ، وجعلوه فى عَلَم زعموا أنه علم داوود ، لأن داوود هو المنشىء الحقيقى لدولتهم . وهذا العلَم الأخير يقوم على تداخل هرمين ليكون منهما نجمة سداسية .
(ج) وأنهم كانوا يقدرون ويقدسون الدين المصرى ويرون أنه هو العقيدة الكونية ، فيعملون من ثم على محاربة الكاثوليكية والتقاليد التى تجعل من الأفراد قطيعاً لا يستطيع أحد منهم أن يستقل برأى أو بفهم أو بوضع ، فإما أن يساير القطيع وإما أن يهلكه القطيع .
(د) وأنهم كانوا يعملون بدأب لظهور العهد الجديد ، عصر الدلو الذى يلقى على الإنسان مياها روحية ، وهو فى أساسه فكر مصرى قديم (يراجع كتابنا العقيدة الكونية) ويرون أن هذا العصر هو الذى سوف يقدم النور الحقيقى لكل من يريد .
(هـ) وأنهم كانوا يؤمنون بأنهم سوف يلتقون فى المستقبل على كوكب اسمه إسّاسّانى (Essassani) وهو كوكب يقع فى كوكبة الجبار (Orion) . وهذه الكوكبة هى التى كان المصريون القدماء يؤمنون بأن أوزير وأعوانه من الجبابرة كانوا منها ، وأن حزامها الأوسط يتضمن ثلاثة نجوم هى على شكل وهيئة ونظام الأهرام الثلاثة فى هضبة الجيزة ، وأن ميعاد الصدّيقيين (أى اتباع مبدأ ماعت) هو أن يكونوا نجوماً فى الكوكبة المذكورة ، بعد أداء رسالاتهم على الأرض .

كان توماس جيفرسون من الآباء الأمريكيين الأوائل ، وكان ماسونيا مؤكد الماسونية . ومع ذلك فقد وقف أمام الكونجرس وهاجم اليهود بشدة وقسوة . ولو كانت الماسونية صيغة يهودية لما جرؤ توماس جيفرسون أن يهاجم اليهود بهذه القسوة وتلك الشدة ، ولما سمح له آخرون بذلك . وهو ما يقطع بأن الماسونية ليست صيغة يهودية وأن أفرادها ليسوا من اليهود فحسب . وقد عمل جيفرسون سفيراً للولايات المتحدة فى فرنسا مدة خمس سنوات ، ولما عاد عُين وزير للخارجية (Secretary of state) . وبعد عودته بقليل ، وبتاريخ 15 سبتمبر 1789 إعتمد الكونجرس فى الولايات المتحدة الخاتم الرسمى الذى كان يحمله جيفرسون ، وهو نسخة من خاتمى منظمة التنوير (Illuminati) .


ولكن رسم البصمتين اعتُمد نهائياً فى 20 يونيو 1782 بعدما قدمها وزير آخر للخارجية هو شارلز تومسون .


وبصمتا الخاتم الرسمى هذا هو الذى نُقل عن أحدهما الرسم الموجود على ظهر الدولار الأمريكى ، والذى يتضمن عبارتين باللاتينية (واليونانية) أحداهما يُشير إلى العصر الجديد لكل العصور ، والثانية تتصل بظهور المصرى العظيم المنتظر .

الجزء الثالث
الجزء الرابع
الجزء الثاني
الجزء الاول

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية