بعدما فاضت المزابل باللحوم والدجاج والمعلبات التالفة وبعدما غزت الاسماك المجلدة المهترئة الشواطئ، جاء دور الأدوية الفاسدة التي "نبتت" في عنجر والأمصال المؤذية التي ظهرت على شواطئ صيدا لترفع ذعر اللبنانيين الى مداه الاقصى.
رغم هذه الفضائح التي يفترض ان تسقط حكومات وترفع مشانق لا يتردد بعض الوزراء في طمأنة الناس بالقول أن لا شيء يدعو الى الخوف: ويا ايها المواطنون موتوا انتم واتركوا الدفن علينا!
ورغم هذا الطوفان من المواد الفاسدة والقاتلة، لم نقرأ شيئاً عن عقوبة لحقت بواحد من المزورين ومروجي الاغذية السامة، ولم يعلن عن سجن واحد من هؤلاء مما يدعو الى طرح السؤال بكل صراحة:
هل ان بعض السياسيين اقل فساداً من اللحوم التي تلقى على الطرق وما الفرق بين هؤلاء والاسماك الفاسدة، خصوصاً ان الفساد يبدأ من رأس السمكة؟
هذه ليست اول الفضائح والدولة منذ زمن بعيد لم تفعل شيئاً يوقف هذه الجرائم، لكن بعدما أضاء الاعلام على هذه الفضائح دب الهلع في التجار وبدأت المخازن تستفرغ في المكبات ما كانت تفرغه في بطون الناس ثم تبين ويا للهول ان بعض الادوية كان يراكم السم على السم!
يقول احد النقابيين ان بعض السياسيين يبيع صحة المواطنين بحفنة من الدولارات، والأدهى ان معظم اصحاب المختبرات يشارك في الجريمة باعطاء إفادات الصلاحية للمواد الغذائية الفاسدة لقاء رشوة رخيصة، وهؤلاء يستحقون التعليق على المشانق قبل تجار الفساد.
وعلى سبيل المثال قال احد المسؤولين ان لبنان يستورد الف طن من اللحوم في السنة وليس مستغربا ان يكون بينها 180 طناً ضربها الفساد فهذه نسبة موجودة في ارقى الدول(!) هذا يدل على مدى "الاهتمام" بصحة الناس. ولكن يمكن 180 طناً من اللحم الفاسد ان تقتل 900000 الف لبناني بمعدل اوقية لكل مواطن قتيل، فاذا احتسبنا عشر هذه النسبة لكل صنف من الدجاج والاجبان والمعلبات والمياه والادوية الفاسدة، يصبح في الامكان ان نقول للمسؤولين: رحمة الله علينا جميعاً... ولكم من بعدنا طول البقاء!
رئيس اتحاد غرف الصناعة والتجارة محمد شقير يروي انه عندما سئل أحد أصحاب المختبرات: "لماذا توجد قطط في المختبر؟" رد بالقول: "لأن هناك فئرانا تسرح في المكان". فئران تطاردها القطط في مختبر يفترض ان يعطي الشهادات الصحية للأغذية التي يتناولها المواطنون؟
ولكن لماذا الاستغراب ولبنان مختبر كبير، المواطن فيه مثل فأر، يطارده تاجر مثل قط، يحميه سياسي مثل حرامي؟!
::راجح الخوري::
"النهار"
0 comments:
إرسال تعليق