الثلاثاء، مارس 27، 2012

حينما ينفد صبر الشيخ سلطان

لم يعرف عن الشيخ سلطان القاسمي سوى انه راع للثقافة محب للخير حاضن لكل توجه تربوي وفكري فيه صالح العالم العربي على خلفية من الانجازات الشخصية في جامعتي أكستر ودرم البريطانيتين وتقديمه لأبحاث مهمة. وهو من الحكام الذين يرفضون المديح بل يمقتون المطبلين لعلو ثقافته وعلمه وتبحره في الثقافة العالمية.

لذا لو علقت على لقائه مع إذاعة الشارقة الذي فضح فيه تحركات الاخوان في الخليج العربي، وخاصة الإمارات، فأحمد ربي انني أعلق من أجل الحقيقة والواقع الذي يتوجب علينا ان نواكبه لصد هجمة الاخوان على الخليج بعد ان ظنوا انهم في حل من احترامهم لعقدنا الاجتماعي واستقرار دولنا.

يقول الشيخ القاسمي ان "هذه الأرض ينخلع منها من ليس له جذور وليفهم من يملك ذرة من التفكير"، وهو ينبه الى ان الاخوان دائما ما يروجون أممية الدعوة وان بلاد المسلم ووطنه هو في الدعوة والولاء للتنظيم لا للوطن. هؤلاء القلة ليسوا فقط في الشارقة او الإمارات بل في كل بلد عربي، يبيعون انفسهم وبتبعية العبيد الذين يساقون لسفن الاخوان حيث يلقى بهم في محرقة الفتن والتدمير. لا يهمهم لا التنمية ولا البناء ولا التطوير. ما يهمهم ان يصلوا للحكم، ديدنهم الكرسي وفنون اثارة الفتن من أجل السيطرة عليه.

وفي بلد يصفه الشيخ القاسمي بـ"بلد متحاب من قمة الهرم الى قاعدته" لا يهدف الاخوان الى السيطرة على الأرض الإماراتية بل ثروات الإمارات ونظامها السياسي، يعزز ذلك ان التنظيم الدولي للإخوان يريد رافدا ماليا وممولا لإكمال مشروعه بالتعاون مع الغرب للسيطرة على العالم العربي بعد ان قدم مثالا ناصعا في التعاون مع الاميركيين في العراق فدخل مع من دخلوا على دبابة اميركية. مصر تحت حكم الاخوان تحتاج الى اعادة هيكلة اقتصادية ضخمة، وللايفاء بالوعود الانتخابية يحتاج التنظيم الاخواني في مصر لمال الخليج وثرواته لدعم مشروعه المصري. فتونس ضمن لها المخزون الليبي من الثروات بمباركة قطرية وممانعة فرنسية ظهرت في تصريحات وتصرفات القيادة الفرنسية مؤخرا. والوضع في ليبيا سيئ لاسباب عديدة أهمها الصراعات القطرية ومحاولة رسم المستقبل الليبي رغما عن أهل ليبيا وقبائلها.

الاخوان هدفهم السلطة. لا أهمية في قاموسهم الداخلي لما يتعلق بالتنمية. نعرف ما فعلوه في السودان جيدا من تحطيم للبنية التعليمية والصحية وغيرها وتخبطها السياسي الذي اودى بنصف السودان. لذا لا نتوقع منهم الا تخبطاً أخر. انظر الى خطابهم في مصر لتعرف جيدا مدى السذاجة السياسية. فهم لم يتفقوا على مرشح بل قسموا انفسهم بموقفهم المتخاذل مع المجلس العسكري حيث اعتادوا عقد الصفقات، وقادتهم عقلية المعارضة التي لم يتخلوا عنها لأن تنسحب جماعات الشباب بعيدا عن قلعة "آلموت" الاخوانية في المقطم.

وتمعن في رفضهم دعوات طرد السفير الاسرائيلي من القاهرة وهم الذين خونوا مبارك لموقفه من اسرائيل. تمعن في صمتهم على المراوغة المصرية في تزويد غزة بالكهرباء لتعرف ان الشعارات شيء والمصالح السياسية عندهم شيء آخر.

وحين يقول الشيخ سلطان القاسمي "لا يمكن إعمار الارض بقيم الحق والخير والجمال الا ببناء الانسان" فهو ما نود التركيز عليه وهو ان الاخوان يعرفون جيدا خطر تجربة صادقة مع شعبها تراعيه وترافقه في طموحاته كالتجربة الإماراتية، هذه التجربة تخلق خيارا أخر لا يمكن للاخوان المزايدة عليه، وهم الذين يسعون بكل جهدهم لابراز مساوئ الاخرين ووضع انهم هم الحل لا الاسلام.

كان دعاة الفتنة يتوقعون ان حملتهم الاعلامية الشرسة والتي رفدها القرضاوي بتخرصاته الى غلامه في المقطم واحلامه المتبخرة والتي لم يطبق منها ما يتعلق بالشق القطري اي شيء.

لاحظ الجميع كيف تحول خطاب الاخوان الى النعومة واللين بعد ان سمعوا كلمات حاكم ومثقف لا يمكن ان يجير قوله لمصلحة التسلط والعسف، بل عرف عنه وقوفه بجوار الجميع حتى من يقفون ضده، لكن الإخوان استغلوا مساحة الحريات وهامش الدعوة في الشارقة فنشروا ريشهم الملون بالادعاءات واصبحوا فوق الإمارة بل الإمارات ومصالح دول الخليج واصبحوا ماسحي احذية دهاقنة المقطم ومعلمي التلون والتنطع عبر تاريخ مصر الحديث.

يقول الشيخ المثقف انه يعكف على تربية ابنائه في مدرسة حديثة ومؤهلة ليأتي من يخطف البراءة من وجوه الفتية ويختطفهم الى معسكرات ولقاءات الفتنة، وكأن المشهد الذي يتحدث عنه الشيخ سلطان القاسمي هو نفسه الذي اتذكره حين كان دعاة التطرف ورعاة فكر جهيمان وابن لادن يفعلون في شوارع الرياض ومساجدها ومدارسها.

سأعطيكم مثالا واضحا على التلون الأخواني؛ يقول احد المقصودين بكلمة الشيخ القاسمي ان كلمته أبوية وحانية، ثم ينطلق ليتهم الشيخ بما يتعارض مع ذكر الابوة والحنان. وهذا ديدن الاخوان فهم يظهرون شيئا ثم ينقلبون على اعقابهم ضمن مبدأ مهم وهو التقية او كسب نقاط وتحييد الاخرين للبقاء في الصورة أطول وقت ممكن. واعتقد ان الوقت قد حان لانهاء هذه القضية وكبح جماحها.

في الغرب يتم سحب جنسيات منْ يثبت ولاؤهم لبلد آخر. الدستور الالماني يرفض بتاتا ان يكون ولاؤك لبلد أخر غير المانيا. كما ان بريطانيا لا تجنس شخصاً الا بعد ان يبايع الملكة ويقسم على الولاء لها لا لغيرها.

نصيحتي للاخوان و"كبيرهم" في الدوحة، لا تمتحنوا صبر الرجال، لا تراهنوا على الفتنة، فحتى من استضافكم واكرم مثواكم غدرتم به واصبحتم مفضوحين عياناً بياناً، فعودوا للعمل ضمن مسيرة التنمية ولا يغرنكم الضجيج، ففي لجة العراك تتبين معادن الرجال.

عبد العزيز الخميس

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية