السبت، مارس 24، 2012

الأسد والدولة الفاشلة

"حوّل الرئيس بشار الأسد سوريا دولة فاشلة وجعل السوريين رهائن حساباته وسياساته الخاطئة وضحايا إصراره على إعطاء الأولوية القصوى لفرض الخيار العسكري - الأمني - القمعي على مواطنيه، ووضع نظامه في مواجهة قاسية مع تحالف عربي - إقليمي - دولي مصمم على إنهاكه واستنزافه سياسياً وديبلوماسياً واقتصادياً ومالياً وأمنياً وإعلامياً الى أن يسقط بطريقة أو بأخرى. لقد رفضت الدول العربية والغربية البارزة العرض الذي طرحه الأسد عليها ضمناً والذي يضعها امام خيارين: إما أن ترضخ هذه الدول لشروط الرئيس السوري وتقبل بتمسكه بالسلطة وإجرائه إصلاحات شكلية تضمن بقاء النظام بتركيبته وطبيعته وتوجهاته الحالية، وإما أن يواصل النظام حربه البالغة القسوة على شعبه المحتج أياً يكن عدد الضحايا وبقطع النظر عن الإدانات الإقليمية والدولية لأعماله".


هذا ما قاله لنا مسؤول عربي بارز مشارك في المشاورات العربية - الدولية في شأن الأزمة السورية. وأوضح "ان القرارات المهمة التي أصدرها وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأخير في القاهرة تشكل هزيمة كبيرة للنظام السوري إذ أن الأسد لم يعد يستطيع تغيير المعادلة والخروج سالماً من المواجهة واستعادة مواقعه السابقة حتى لو تمكن من السيطرة عسكرياً على مناطق ومدن معينة. فقد قررت الدول العربية باستثناء لبنان تصعيد المواجهة مع النظام السوري وإفهامه ان الفيتو الروسي - الصيني لن يحميه، فشددت عقوباتها وإجراءاتها ضده وأوقفت كل أشكال التعاون الديبلوماسي معه، وقررت في المقابل توفير كل أشكال الدعم السياسي والمادي للمعارضة، وهو تطور غير مسبوق ويمهد للإعتراف رسمياً بالمجلس الوطني السوري في مؤتمر أصدقاء سوريا في تونس يوم 24 شباط الجاري. كما قررت هذه الدول، بعد تحفظ لبنان والجزائر، تعزيز التعاون مع الأمم المتحدة لوقف الحل العسكري في سوريا وخصوصاً من طريق دعوة مجلس الأمن الى تشكيل قوة حفظ سلام عربية - أممية للإشراف على تنفيذ وقف النار. وهذه الخطوة تفتح باب التفاوض مع روسيا والصين على مستقبل سوريا، وإذا منعت الدولتان صدور قرار دولي يدعم المطلب العربي، فإن ذلك قد يدفع دولاً إقليمية وغربية الى تزويد المعارضة السلاح ضمن إطار الدفاع عن النفس والى التدخل بأشكال متنوعة لتوفير الحماية للمدنيين ووقف الحرب الداخلية في سوريا".


وذكر المسؤول العربي "ان الأسد يراهن على عدم وجود قرار دولي باستخدام القوة العسكرية ضده وضد نظامه، الأمر الذي يعني بالنسبة اليه انه يستطيع أن يفعل ما يشاء في سوريا. والواقع ان إدارة الرئيس باراك أوباما مستعدة لاستخدام القوة العسكرية ضد إيران لمنعها من إمتلاك السلاح النووي، لكنها ترفض مع حكومات الدول الأخرى المعنية بالأمر اللجوء الى الخيار العسكري في سوريا ولكن ليس حماية لنظام الأسد بل لأنها مقتنعة، إستناداً الى معلوماتها الدقيقة، بأن هذا النظام إنتهى وسيسقط لأنه ينهار تدريجاً ويضعف ويتآكل ويواجه قوى خارجية معادية له تملك إمكانات واسعة ونقمة شعبية حقيقية عميقة في الداخل علنية أو ضمنية نتيجة تعامله البالغ الشراسة مع المحتجين وسقوط هيبة الدولة وتردي الأوضاع الداخلية في مختلف المجالات والعزلة الواسعة العربية والإقليمية والدولية التي أوصلت سياساته البلد اليها".


واستناداً الى هذا المسؤول العربي "فإن الحل العسكري إنقلب على الأسد وصار مصدر التهديد الرئيسي له وليس لشعبه فحسب، لأن الرئيس السوري أثبت عجزه عن حسم الأمور والسيطرة على البلد مجدداً من طريق القتل والقمع والتدمير، بل ان الأوضاع تتدهور باستمرار والغالبية العظمى من الدول المؤثرة تزداد تصميماً على العمل من أجل إسقاط النظام وليس من أجل التوصل الى أي نوع من التفاهم معه. لقد صار الخيار العسكري خياراً إنتحارياً مدمراً يهدد مصير سوريا ويؤدي في النهاية الى تغيير نظام الأسد بعد دفع أثمان باهظة". وخلص الى القول: "ليس ثمة نظام ديكتاتوري متسلط في العالم يدرك سلفاً ان نهايته إقتربت. كل الأنظمة المتسلطة فوجئت بسقوطها وظل حكامها يرددون حتى اللحظة الأخيرة ان الأزمة التي يواجهونها قد انتهت ويراهنون على بقائهم في السلطة سنوات طويلة أخرى. وهذا حال سوريا اليوم".

::عبد الكريم أبو النصر::
"النهار "

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية