الأحد، مارس 25، 2012

عصر النهضة وسقوط القسطنطينية

كلمة renaissance التي تستعمل للدلالة على عصر النهضة هي في الأصل كلمة فرنسية تعني ولادة جديدة، أي إحياء الرغبة أو تجديد الإهتمام بالأمور العقلية، وتمثل نقطة التحول من العصر الوسيط إلى العصر الحالي من حيث طرق التفكير ومناهج الدراسة.

بعض المفكرين يعزون عصر النهضة إلى سقوط القسطنطينية في العام 1453 وحصول الأوروبيين – نتيجة لذلك – على مخطوطات يونانية نادرة وعلماء متبحرين في شتى العلوم والآداب والفنون.

كان لاستيلاء العثمانيين على المركز الشرقي للعلوم والثقافة الغربية أكبر الأثر في تحويل كنوز ذلك المركز باتجاه الغرب، ومع ذلك فقد كانت النهضة نتيجة طبيعية لتحوّل تدريجي في أساليب التعليم عمَّ القارة الأوروبية على مدى قرن من الزمن قبل سقوط القسطنطينية.

البعض يتحدث عن العصور الوسطى كما لو كانت عصوراً مظلمة تسودها الهمجية والجهل المطبق. لكن الأمر قد لا يكون على هذه الصورة. فتلك الفترة الزمنية من تاريخ أوروبا كانت تتميز بثقافة معينة، ولم يكن التغيير في نمط التفكير وأساليب الفن والأدب والعلم سوى نتيجة حتمية لازدياد عدد الطلاب الذين تفتحت عقولهم على المعرفة في الغرب.

كان العلم في أوروبا مقتصراً على رجال الدين وكان يتمحور في المقام الأولى حول تفسير الأسرار الدينية. وقد ساعد الفيض المتعاظم للمعرفة المعمقة الوافدة من الشرق على فتح قنوات جديدة مما أعطى الدراسة بُعداً نقدياً وتحليلياً جديداً.

تدريجياً تخلى طلاب العلم عن أساليب الدراسة التقليدية ثم نبذوها ولم يعملوا بها ثانية. ونتيجة لذلك بزغ فجر عهد جديد من البحث والاستقراء العقلي. فعقول الناس أصبحت مستعدة لتقبّل أفكار وانطباعات جديدة مما أعطى الراغبين في العلم والمعرفة دفعاً قوياً وتملكتهم رغبة جامحة لمعرفة المزيد.

لقد تحررت عقول البشر من القيود الثقيلة ولم يعد الناس خاضعين لسلطة الكهنوت فراحوا يفكرون ويحاورون ويناقشون ويجاهرون بآرائهم ويبدعون في شتى مجالات الفكر والمعرفة دون عوائق ودون خوف من عقاب.

ليس من السهل تعداد ثمار عصر النهضة لأنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالتاريخ والفن والأدب والعلم والفلسفة والشعر وحتى الدين. وقد حلت روح جديدة في كل مجال من مجالات الحياة. ولم يعد الناس قانعين بالحلول التقليدية للظواهر الطبيعية. فالعقل البشري الذي غط في سبات عميق لمئات السنين تيقظ الآن وراح يكتشف كل ما يحيط به ويستشرف حتى الآفاق البعيدة.

ومن أعظم ثمار عصر النهضة أيضاً كرامة الإنسان بصفته كائناً عاقلاً ، مفكراً وذا إرادة حرة. هذه الروح الجديدة أدخلت بعداً إنسانيا إلى حياة الإنسان ودمغت المعرفة بطابع إنساني مميز.

بلغت النهضة ذروتها في إيطاليا وأصبح الأقطاب والأساطين يدرسون ويتعاطون الفن محبة في الفن. أما في البلدان الشمالية مثل ألمانيا وهولندا وإنكلترا وحتى فرنسا فقد نما عصر النهضة بصورة طبيعية. ففي ألمانيا كانت النهضة تعني الإصلاح. وكذلك في إنكلترا وفرنسا اقترن تجديد التعليم بالإصلاح وانبثق إحساس وفهم جديدان بالجمال والحقيقة، وبلغت الآداب والفنون مستوى رفيعاً من الإبداع الذي كان بحق أحد أهم عناصر عصر النهضة الذهبي.
وكان تأثير الطب والعلوم العربية الإسلامية في عصر النهضة استمرارا لتأثيرها في القرون الوسطى ولكن بصورة واسعة وكبيرة بسبب استعمال الطباعة حوالي سنة .1450 م التي جعلت الحصول على الكتب متيسرا ، وكانت عاملا ، حاسما في النهضة، وقد سهل ذلك وجود الورق الذي دخلت صناعته إلى الأندلس حوالي سنة 1150 م.
ثم انتقلت، إلى فرنسا ودخلت كذلك إلى إيطاليا سنة 1270 م عن طريق مسلمي صقلية.
ويمكن اعتبار أواسط القرن الخامس عشر (1450 م) بداية عصر النهضة الأوربية التي امتدت إلى الآداب والفنون والعمارة والسياسة والعلوم ، وقد كانت النهضة الأوربية مرحلة التحول من القرون الوسطى إلى العصر الحديث ، وحدث في هذه الفترة أمران عظيمان في التاريخ الإسلامي :
ا- فتح استنبول سنة 1453 م من قبل السلطان محمد الفاتح وسقوط الدولة البيزنطية ، ورافق ذلك هجرة عدد من العلماء إلى أوربا وحدوث رد فعل كبير في أوربا الغربية بسقوط الدولة البيزنطية.
2- تمت استعادة أسبانيا بسقوط غرناطة آخر عاصمة عربية في الأندلسي ، وتوحيد أسبانيا بتوحيد تاجي قتشتاله وارغون (Crowns of Castile and Arragon) سنة 1492 م . ورافق ذلك هجرة عدد من العلماء المسلمين إلى فرنسا وشمال أفريقيا.
3- مواضع الاتصال الجغرافي :
وكان الاتصال الجغرافي بين المسلمين والغرب اهمية لأسبانيا وصقلية وجنوب إيطاليا وجنوب فرنسا.
أ- أسبانيا:
فبعد فتح أسبانيا في سنة 711 إلى سنة 713 م (92- 94 هـ) وفتح جنوب فرنسا سنة 725 م ، توقف الزحف الإسلامي بين بوايتيه وتولوز سنة 732 م (114 هـ) بعد معركة بلاط الشهداء، ثم اجتازوا نهر الرون سنة 736 م. واستولوا على بعاس المدن ولكنهم انسحبوا من بعضها وتم انسحابهم من شمال البرنيز سنة 759 م . (142 هـ ) وتأسست الدولة الأموية في الأندلس سنة 755 م (138 هـ) وتقدمت البلاد بسرعة فائقة ثقافيا وعمرانيا كما هو معروف، وكثر اعتناق الإسلام، وقربت المسافة بين الفاتحين وسكان البلاد ، وانتشرت بينهم اللغة العربية انتشارا واسعا. وكان المجتمع الأندلسي يتكون من الفئات التالية:
ا- المسلمون الفاتحون والمسلمون المهاجرون إلى الأندلس .
2- المولدون. لهم الأسبان والقوط الذين اعتنقوا الإسلام بأعداد كثيرة واستعربوا بسرعة، وأصبحوا يشكلون نسبة كبيرة من المجتمع الأندلسي .
3- النصارى المعاهدون الذين يعتنقوا الإسلام ويسمون المستعربين Mozarabes وكانوا عادة في المدن الكبيرة .
4- عدد من اليهود كانوا يسكنون (حارات اليهود) والموالي (الصقالبة).
5- وبعد بداية الاسترداد الأسباني Reconquista الذي استغرق أكثر من أربعمائة سنة واحتلالهم المواقع والمدن واحدة بعد أخرى، ظهرت فئة أخرى (المدجنون Mudjares) وهم المسلمون الذين بقوا في المواقع التي استولى عليها الأسبان .
6- الموريسكيون وهم المسلمون الذين بقوا بعد سقوط غرناطة سنة 1492 م وجرى تنصيرهم بأعداد كبيرة، ولكنهم بقوا يمارسون شعائر الإسلام خفية، تم قاموا بثورات، وأصدر الحكم الأسباني قرارا بإخراجهم من البلاد سنة 1609فتركوها ويقدر عددهم بنصف مليون ذهب بعضهم إلى فرنسا، ولكن أكثريتهم ذهبت إلى شمال أفريقيا.
ويظهرمجال الاتصال الثقافي الواسع والكبيرعن طريق الاتصال المباشر بين المجتمع الأوربي والمجتمع الأندلسي ، حيث كان هناك ازدواجية لغوية عربية ورومانية بين عامة الشعب الأندلسي، وأصبحت العربية الفصحى لغة الثقافة للأسبانيين كذلك، وإلى جانبها اللاتينية الفصحى التي كان مجال استعمالهـا ضيقا.
وبقيت اللغة العربية الأسبانية حتى القرن السادس عشر الميلادي في أسبانيا.
وحدثت حركة ترجمة واسعة من العربية إلى اللاتينية أثناء الاسترداد الأسباني، فبعد سقوط طليطلة سنة 1085 م ، والتي أصبحت منذ 1125 مركزا مهما للترجمة مرت منها المعرفة إلى أوربا ، ومن أشهر مترجميها جيرارد الكريموني ويسمى الطليطلي - كذلك Toletanum أو Gerardus Cremonensi (4 1 1 1-87 1 1 م) قدم إلى طيطلة من إيطاليا سنة 1150 م وينسب إليه ترجمة ما يقرب من مائة كتاب ، وقد ألحق تلاميذه بالمجسطي الذي ترجمه وترجم قائمة بإنتاجه تضمنت 71 عنوانا بينها 21 كتابا طبيا ، منها المنصوري للرازي والقانون لابن سينا ، ويبدو أن بعضها من إنتاج تلاميذه بإشرافه ، وبعضها بالاشتراك مع غيره خاصة غالب GALIPUS وهو مستعرب .
وقام بالترجمة في القرن الثاني عشر أسبانيون وآخرون قدموا إلى أسبانيا، ثم أنشأ الفونسو العاشر Alfonso ملك قشتالة Castile (1252-1284 م ) عددا من مؤسسات التعليم العالي، وشجع الترجمة من العربية إلى اللاتينية، وأحيانا إلى اللغة القشتالية.
ب- صقلية وإيطاليا:
فتح العرب المسلمون بلرم Palermo في صقلية سنة 6 1 2 هـ (831 م) وتم فتح الجزيرة كلها سنة 289 هـ (3 90 م) وهاجموا إيطاليا فاحتلوا ميزينو قرب نابولي وباري ومواقع أخرى وحاصروا روما سنة 231 هـ (846 م) وكونوا إمارة صغيرة عند مصب نهر جارليونو سنة 270 هـ (883 م) وانضوى صقليون كثيرون تحت لواء الحكم الجديد، وحاربوا في صفوفهم وتقلد بعضهم المناصب الكبيرة في المغرب.
ثم تجزأت، صقلية إلى إمارات يحكمها أمراء متنافسون، فبدأ النورمانديون يغزوها من سنة 1061 م وتمت سيطرتهم عليها سنة 1091 م، أي أن فترة الفتح والحكم العربي المستقر وفترة إكمال الاحتلال النورمندي استغرقت 260 سنة طبعت فيها الحياة في صقلية بالطابع العربي الإسلامي.
وجذبت الثقافة الجديدة الأوربين، واستمر تأثيرها فى أثناء الحكم النورمندي فكانت حياة البلاط في صقلية، خاصة في عهد روجر الثاني (1130- 1154 م) وفردريك الثاني (1194- .123 م) تتسم بالرفاه والأبهة التي قصد بها أن تقارب قرطبة، واتخذ الملكان الملابس وطريقة الحياة العربية، وكان لحكام صقلية النوزمنديين مستشارون وموظفون من العرب والمسلمين، وانضم تحت لوائهم علماء من بغداد وسوريا.
وكان فردريك الثاني قد توج إمبراطورا للإمبراطورية الرومانية المقدسة سنة 1220 م ولكنه آثر السكن في صقلية، وكان له اهتمام خاص بالعلوم، وشجع المناقشات العلمية والفلسفية وأجريت بعض التجارب في الطب وعلم الحيوان.
و أسس جامعة نابولي سنة 1324 م وكان فيها عدد كبير من المخطوطات العربية، وانتشرت الثقافة العربية الإسلامية في جامعات أوربا، بما في ذلك باريس وإكسفورد، وتمت ترجمة عدد من الكتب من العربية إلى اللاتينية. ومن المترجمين أدلرد من باث Bath الإنجليزي حوالي سنة 1116- 1142 م)، واسطيفان من بيزا Piza (الأنطاكي) سنة1127 م، ثم مايكل سكوت Michael Scott (ت 1236 م) الذي ترجم الكتب للملك فردريك الثاني ومن بينها كتب ابن رشد.
واهتم ملك نابولي جارلس الأول بترجمة الكتب الطبية العربية إلى اللغة اللاتينية وأقام مؤسسة تضم المترجمين الفعليين مثل فرج بن سالم وموسى من سالرنو، وكذلك النساخ والمصلحين. وتمت ترجمة كتاب الحاوي للرازي تقويم الأبدان لابن جزلة.
وكانت صقلية مهيأة لنقل الفكر القديم والمعاصر، فكان فيها المتكلمون بالعربية واليونانية من سكانها ، وبعض المثقفين الذين عرفوا اللاتينية، فقد كانت تابعة إلى الإمبراطورية البيزنطية وفيها بعض المعالم الثقافية اليونانية. إن وجود اللغات الثلاث جنبا إلى جنب سهل انتقال المعرفة العربية كثيرا.
ومدرسة سالرنو Salerno مركزا لتدريس الطب ما يقرب من ثلاثمائة سنة (900- 1200 م) وتقع جنوب إيطاليا وعلى صلة قوية بصقلية، وأهم ما في تاريخها هو قسطنطين الأفريقي Constantinus Africanus (1010- 1587 م) من أصل عربي ولد بتونس وازدهر من سنة 1065 إلى 1085 م وترجم عددا كبيرا من الكتب الطبية من العربية إلى اللاتينية وينسب إليه أربعون أثرا، منها كتاب كامل الصناعة الطبية (الكتاب الملكي) لعلي بن عباس (ت 994 م) وكتبا لابن الجزار واسحق بن عمران واسحق بن سليمان وثلاثتهم من موطنه الأصلي تونس .
وأغفل قسطنطين ذكر أسماء المؤلفين الأصليين لبعض الكتب العربية، ولذلك تعليلات مختلفة، ولكن ذلك لا يقلل من أهميته باعتباره أول مترجم أدخل العلم الإسلامي إلى أوربا. وسبب انتعاش مدرسة سالرنو. وكانت اللغة العربية من بين لغات التدريس فيها ولقد عاصرت هذه المدرسة كبار الأطباء والمؤلفين العرب المسلمين فعاصرت الرازي (ت 925 م) وابن الجزار (ت 975 م) وعلي بن عباس (ت 994 م).
4- تأثير الكتب المترجمة:
وانتشرت الكتب المترجمة في القرون الوسطى وأثرت في الثقافة الأوربية، ولكن أصبح انتشارها وكذا أثرها أوسع بعد استعمال المطبعة في أوائل عهد النهضة إذ كانت الكتب العلمية والطبية المترجمة من اللغة العربية إلى اللاتينية أول ما طبع فقد طبع القانون في الطب لابن سينا من ترجمة جيراد الكريموني طبعات متعددة في مدن مختلفة مما يدل على انتشاره الواسع والحاجة إليه فقد طبع في ستراسبورج سنة 473 1، 480 1، وفي ميلانو سنة 473 1 وفي بادوا سنة 476 1، 479 1 وفي البندقية سنة 482 1، 486 1، 489 1، 0 49 1 وفي نابولي سنة 1 49 1 وكانت آخر طبعة أوربية للقانون في الطب سنة 608 ام، تضمنت بعض اللوحات المصورة وطبع بالحروف الغوطية في البندقية سنة 1507. وأعاد الطبيب المتعرب اندرياس الباكوس Andreas Al-pagus (1450- 1522 م) ترجمته من الأصل العربي إلى اللاتينية وقد طبع بعد وفاته في البندقية سنة 1527 و 1544 وأعيد طبعه سنة 1555 مع بعض التعليقات لابن أخ المترجم بولص الباكوس Paulus Al-pagus وبندكتس رينيوس Benedictus Rinius مع شرح عدد من المصطلحات فيه وتاريخ حياة ابن سينا وطبع في بازل سنة 56 5 ا وطبع باللغة العبرانية سنة 1491، 1608 وطبع الأصل العربي في روما سنة 1593م بالحروف العربية ومعه بعض تأليف ابن سينا في علم المنطق والعلم الطبيعي وعلم الكلام. مما يثير إلى وجود عدد كبير من الأطباء الذين يعرفون اللغة العربية في أوربا آنذاك.
وطبعت بعض الشروح للقانون باللغة اللاتينية منها شرح جيوفاني باتستا مونتي (مونتاني) Jo Baptistae Montani Veronensis المطبوع في وتبرغ سنة 1551 وشرح آخر مطبوع في البندقية سنة 1554 وكان القانون من الكتب المتداولة بين الأطباء ومن المؤلفات المقررة في كثير من المدارس الطبية في أوربا إلى القرن السابغ عشر الميلادي.
واعتمد كثير من المؤلفين الأوروبين في القرون الوسطى وعهد النهضة الأوربية على القانون وعلى كتب الرازي وابن رشد والزهراوي وغيرها في تأليفهم التي أخذت تحل بالتدريج محل الكتب العربية في الأوساط الصبية الأوربية.
يضاف إلى ذلك أنه كان هناك عدد من الأطباء الأوربيين يتقنون اللغة العربية، فقد كانت اللغتان (الكلاسيكيتان) Classical آنداك العربية واليونانية. وترجم هؤلاء بعض الكتب ولكن الأهم من ذلك أنهم أدخلوا المعرفة الطبية العربية الإسلامية التي أطلقوا عليها في مؤلفاتهم وفي محاضرتهم، ومن هؤلاء ارنولد من فيلانوفا Amold de Villaniva (1323- 1 131 م) وهر طبيب ممارس مشهور مارس الطب في باريس ومونبليه وبرشلونه وروما ومؤلف متميز وأستاذ في الطب في مونيليية وكاي دي شوليا Guy de Chauliac (298 1- 1368) وهو جراح فرنسي ومؤلف معتمد وجاك دي بوا الذي عرف بالاسم اللاتيني جاكويس سليفيس Jacobus Sylvius (1478- 1330 م) الأستاذ في جامعة باريس.
5- التأثير المباشر:-
وحدث في أواسط القرن السادس عشر تطور مهم في النظرة العلمية بين الأطباء في أوربا، ولقد تبين من تحليلها أنها كانت تتصل بالتشريح ووظائف الأعضاء، وأدت إلى كسر الانغلاق العلمي وفتح الأذهان أمام التفكير الجوال.
ويمكن تفسير ذلك بالخطوات التالية.-
عودة أندريا الباكوس Andreas Alpagus وبولص الباكوس Paulus Alpagus من البلاد العربية إلى بادوا في إيطاليا وتأثير ذلك على الطب. كان اندرياس الباكوس (. 5 4 ا/ 533 ام) طبيا ومتعربا كبيرا قضى أكثرمن ثلاثين سنة في سوريا، وحصل على معرفة واسعة في الشئون العربية والإسلامية، بما في ذلك الفلسفة والدين والمعتقدات والممارسات العامة والسياسة المعاصرة، بالإضافة إلى الطب وكان أستاذ الرئيس شمس الدين محمد بن مكي (ت 938 هـ/ 1531 م) سافر كثيرا إلى المشرق يرافقه ابن أخيه بولص الباكوس، وجمع كثيرا من المخطوطات العربية، تم عاد إلى بادوا وعين أستاذا لكرسي الطب في جامعتها، ولكنه توفى بعد ذلك بقليل ، ترجم عددا من الكتب العربية إلى اللاتينية مع شروح على بعضها. ونشر قسم منها بعد وفاته، منها ترجمة شرح ابن النفيس للقسم الخاص من قانون ابن سينا طبع سنة 1547 م وأعاد ترجمة القانون لابن سينا وطبع سنة 1537 وأعيد طبعه بعد ذلك مرات متعددة، وأضيف إليه جدول بالمصطلحات مع تعريفات لها وطبعت ترجمته لكتاب الأدوية لابن البيطار سنة 1602 ولكن من المؤكد أنه لم تطبع كل الكتب التي ترجمها الباكوس لغرض النشر . وكان لديه نسخة من شرح التشريح لابن النفيس ، كتبت سنة 734 هـ (1333 م) أي خمس وخمسين نسخة بعد وفاة المؤلف ابن النفيس وتقع في 306 صفحات "قد جاء ذكرها في فهرس مكتبة أسرة ناني Nani في البندقية الذي أعده أستاذ اللغات الشرقية في جامعة بادوا سيمون السمعاني Simon Assemani (وأصله من المشرق العربي) ونشر الفهرس سنة 1792 في بادوا وقد أطلعت عليه وفيه وصف النسخة المذكورة وتوجد نسخ أخرى من المخطوطة في مكتبات أخرى .
لقد انتقد ابن النفيس (607- 87 6هـ / 0 1 2 1- 288 1 م) الرأي السائد عن مرور الدم من البطين الأيسر إلى البطين الأيمن من القلب خلال ثقوب غير مرئية في الحجاب الحاجز بين البطينين ، ورد على جالينوس وابن سينا وبين عدم إمكان مرور الدم في الحاجز ، وشرح مروره في الرئتين وتبدله فيهما، والصفة المميزة لابن النفيش هي تمحيصه وتدقيقه لأقوال من سبقه مهما كانت محاطة بهالة من القبول والإجلال، ويقول في مقدمة كتابه شرح التشريح عن جالينوس (فلذلك جعلنا أكثر اعتمادنا في تعرف صور الأعضاء وأوضاعهـا ونحو ذلك عام حد قوله إلا في أشياء يسيرة ظننا أنها من أغاليط النساخ أو (أن) إخباره عنها لم يكن من بعد تحقق المشاهدة فيها ، وأما منافع كل واحد من الأعضاء فإنما نعتمد في تعرفها على ما يقتضيه النظر المحق والبحث المستقيم ولا علينا وافق ذلك رأي من تقدمنا أو خالفه) وظهر أول شك في آراء جالينوس في أوربا في كتاب فيزاليوس Vesalius ماكنة الجسم الإنساني أو تركيب الجسم الإنساني de Humani Corporis Fabrica فقمد جاء في الطبعة الأولى سنة 1543، ما ترجمته (إن الحاجز كثيف مثل باقي القلب وعليه حفر ، ولكن لا يخترقا أي منها الحاجر من البطين الأيمن إلى الأيسر حسبما تشعر به الحواس).
ولكنه كان في الطبعة الثانية سنة 1555 م أكثر وضوحا، حيث قال ما ترجمته: لم أشاهد حتى أصغر قنوات مخفية تمر في الحاجز وقبل مدة ليست طويلة ما كنت لأجرأ على أن أبتعد قليلا عن آراء جالينوس، ولكن الحاجز سميك وكثيف وصلد مثل بقية القلب ، ولهذا لا أدري كيف يمكن أن تمر أصغر الأشياء من البطين الأيمن إلى الأيسر خلال الحاجز).
اشتهر اندرياس فيزاليوس البروكسلي Andteas Vesalius Bruxellensis في القرن السادس عشر بقيامه بإجراء التشريح بنفسه وجعل أحد الفنانين يرسمه على لوحات دقيقة نشرها في كتابه المذكور وأثر ذلك في مسيرة الطب الأوربي، وبلغ منزلة عالية بحيث إن مؤرخي الطب الأوربيين يقسمون تاريخ الطب الأوربي إلى مرحلتين: مرحلة قبل فيزاليوس ومرحلة بعده. وكان اندرياس فيزاليوس من أسرة طبية مرموقة، كانوا أطباء بلاط وكانت لهم صلة بالطب العربي فترجم أحدهم قانون ابن سينا وكتب آخر رسائل عدة عن مؤلفات ابن سينا شروحا للرازي، ثم أصبح كذلك طبيبا للإمبراطور شارل الخامس ثم لابنه فيليب الثاني في مدريد.
وكان فيزاليوس قد ترجم المقالة التاسعة من الكتاب المنصوري للرازي، (في الأمراض الحادثة من القرن إلى القدم) طبعت صورة منفصلة سنة 1537 م بعنوان Liber Nonus Al-mansoris (الكتاب التاسع من المنصوري).
وقال في مقدمته: (لم تتقيد بالترجمة حرفيا بل فضلنا الشرح مستخدمين حريتنا في التوقف لدى الأمور الضرورية، كما أننا أفضنا في التعليق على ما رأيناه غامضا).
ورد كذلك على الفاطميين بأن كتاب الرازي مترجم عن اليونانية، وأكد أنه من تأليف الرازي ثم صدر في اللاهوت بعنوان (إعادة المسيحية) Christianismi Restituto سنة 1553 ألفه طبيب من كتالونيا هو مايكل سرفيتس Michael Seretus (1511 ــ 1553 م ) تضمن في معرض بحث عن الروح وصفا لمرور الدم في الرئتين مشابها لوصف ابن النفيس بحيث يكون اقتباسا منه .
وكانت مخطوطة الكتاب قد أعدت قبل ذلك بسنوات منذ 1546 م. لقد أوقعت آراء سرفيتس الدينية صاحبها في مشكلة الكاثوليك والبروتستانت في آن واحد، وانتهى بأن مات حرقا في جنيف بأمر كالفن Calvin من كبار المنفذين من جماعة مارتن لوثر .
والصلة الفكرية بين ابن النفيس وسرفيتس تحتاج إلى دراسة وكذلك الصلة بين المعتقدات الإسلامية وما جاء في كتاب سرفيتس فهناك أدلة عامة أنه كان يعرف اللغة العربية واقتبس من بعض الآيات القرآنية، ولقد كتب في كثيرا عن هذا الطبيب، واعتبره بعض المؤلفين زنديقا heretic بينما اعتبره آخرون شهيدا Martyr والغرب أنه لم يقدم عنه بحث واحد في مؤتمر تاريخ الطب العالمي الذي عقد في برشلونة سنة 1980 وهي المدينة الرئيسية في كتالوني، مع أنه كالتوني وأن هذا الإهمال الكبير يحاج إلى تفسير .
و دلت، الدراسة المفصلة على أن سرفيتس كان مطلعا على آراء ابن النفيس واعتمد عليها كما أنه قد درس الطب في باريس على الأستاذ الذي درس عليه فيزاليوس. وقد أثنى ذلك الأستاذ عليهما.
وكان مؤلف آخر لفردى Valverde تضمن كتابه (التشريح وتاريخه) الذي نشر سنة 1554 آراء متشابهة لآراء ابن النفيس وكان في بادوا وأصله من أسبانيا ولقبه de Hamusco فهل تعني أنه من حمص .
وصدركتاب من تأليف كولومبوس Realdus Columbus (1510 ـ 1599 م) وكان أستاذا في بادوا ثم روما. نشر الكتاب سنة 1559 بعنوان (في التشريح Do Re Anatomica) تضمن وصفا لمرور الدم في الرئتين مع بعض التجارب العملية وكانت له صلة ببولص الباكوس الذي سبق أن ذكرناه لقد أدت المقارنة المفصلة بين آراء هؤلاء المؤلفين الأوربيين وأراء ابن النفيس إلى الاستنتاج الثاني أن سرفيتس على معرفة واضحة بنظرية ابن النفيس وأنه اعتمد عليها وأن فالفردى مطلع على آراء سرفيتس وأن كولومبوس مطلع اطلاعا مباشر عام نظرية ابن النفيس ومقولة سرفيتس.
إن آراء ابن النفيس كسرت القيود الفكرية التي كانت سائدة، وأدت إلى مناقشة ما كان يعتبر حقيقة ثابتة ثم دفعتهم إلى إجراء الملاحظات العلمية بأنفسهم ، وكذلك إجراء بعض التجارب فيما يختص بهذا الموضوع ، بينما كان أطباء آخرون مستمرين على التمسك بنصوص الكتب ومنهم جاكوب سيلفيس Jacobus Syivius وهو أستاذ في جامعة باريس ومن تلاميذه فيزاليوس وكان قد صب نار غضبته عليه بعد أن نشر كتابه وعندما جاء وليم هارفي William Harvey إلى بادوا لدراسة الطب فيهما وفي أربع سنوات انتهت بحصوله على الدكتوراة سنة 1602 م كان مرور الدم في الرئتين أمرا مقبولا لدى الكثير من المؤلفين والأطباء ولقد أدت دراساته إلى وصنع الدوران في الجسم وأورد أول ذكر للدورة الدموية في محاضراته في لندن سنة 1616 ثم في كتابه المطبوع سنة 1628.
إن ابن النفيس قام بوصف الشرايين الإكليلية في القلب وأنها تغذي عضلة القلب، وأن ما ذكره وصف هارفي عنها يشابه ما ذكره ابن النفيس ، خاصة إذا لاحظنا مرور النصوص بمرحلة الترجمة ، ويبدو أن هارفي كان مطلعا على ما كتبه ابن النفيس . ولابد من الإشارة إلى أهمية الاطلاع على مقدمات الكتب العربية التي ترجمت إلى اللغة اللاتينية، وكذلك مقدمات شروح الأطباء الأوروبيين للكتب العربية المترجمة والمؤلفات الأوربية في بداية عصر النهضة، فإن فيها معلومات مهمة حيث أعطتنا هذه المقدمات تصورا معايشا للفترة نفسها.
ولقد حورت، الأسماء العربية إلى الطريقة اللاتينية، وأصبحت معرفة بعضها صعبة، وتعرض ابن سينا للهجوم وادعى آخرون أنه كان أسبانيا.
قال الباكوس ، في مقدمته لترجمة القانون بعد أن ذكر اسم ابن سينا ولقبه لم يكن ابن سينا أسبانيا كما كتب عنه البعض بل كان من مدينة بخاري كما يبدو في التاريخ العربي لحياة الفلاسفة والأطباء اليونان، وهو كتاب مترجم من اللغة العربية إلى اللاتينية وكم يمكن الاستفادة من ذلك من الفصل الثالث من كتاب القانون وهو في طبيعة الأزمنة وكذلك من مواضع أخرى .
وقال رينوس Rinius في مقدمته للقانون التي كتبها سنة 1304 م (وكيف لا يأخذني العجب وأنا أرى الكثيرين قد نهضوا منذ ثلاثين سنة ضد هذا الرجل (يقصد ابن سينا) يريدون التشهير به، إلا أن العرف العام والبشرية في كلن العصور قد حكمت الحكم التالي: إن ابن سينا رغم كونه ليس يونانيا ولم يتعلم اليونانية، فهو ليس أقل تأكدا ووثوقا من الأشياء حسب مقدرة الشعوب واللغات). ثم إن العلوم تتطور وتصل إلى الكمال وذلك بإضافات الخلف سواء كان ذلك نوعيا أم كميا كما تبين الخبرة... وبوسع أي كان أن يطلع على ما بلغه العرب من دراية في أي صناعة كنت وليس متعذرا علينا الاطلاع على كتاباتهم، ويبدو لنا أن لهذا علاقة باطلاع الأوربيين على الكتب اليونانية التي توفرت لديهم آنذاك وما يسمى بإحياء المعرفة الكلاسيكية Revival of Classical Learning وإن هذا الإحياء كان دون شك متأثرا بالمعرفة التي تم الحصول عليها من العرب والمتعربين Arabists التي نبهت الأوربيين للبحث عن المراجع اليونانية ويبدو أن هذا أصبح سهلا، بعد نزووح عدد من المثقفين اليونانيين لحضور مجلسه فلورانس سنة 1439 Council of Florence وهجرة اليونانيين بعد فتح القسطنطينية سنة 1453 م .
6- التعرب والمتعربون:
ولابد من الإشارة إلى بعض المفاهيم التي سادت أوربا تلك الفترة: -
أ - المد رسية :Sctolasticism ويقصد بها نوع من فلسفة ولا هوت رجال المدارس في القرون الوسطى، الذين كانت تعتمد معرفتهم على الكتب والنظريات المجردة ، وانحصرت فعاليتها في حدود القرنيين الحادي عشر والرابع عشر ، وكان صاحب هذه المدرسة يدعى الـ Scholastic أي المدرسوني (نسبة إلى المدرسية وتعريفها عن النسبة إلى المدرسة مدرسي).
ب- الا نسانوي .Humanist نسبة إلى الانسانونية Humanism (واستعملنا هذه الكلمة لتعريفها عن الإنسانية Humanity) والانسانونية هي دراسة الإنساان بذاته والتوصل إلى المعرفة عن ذلك الطريق .
وأطلقت هذه التسمية على الحركة الفكرية من سنة 1450 وإلى سنة 1550 م. ومثال على ذلك: فإن علم التشريح كان يدرس حسب الكتب الموضوعة فيه إلى عهد موندينوس سنة 1306 ثم فيزاليوس سنة 1543 حيث فتحا الطريق أمام إجراء التشريح للتدريس.
ج ـ Arabist وتعني متعرب وتعربي نسبة إلى التعرب.
والمتعرب هو الملتزم بالثقافة العربية سواء كان غريبا أو أوربيا، والتعرب هو الالتزام بهذه الثقافة وقبولها والنسبة تعربي ما يختص بهذه الثقافة لتعريفها عن عربي Arabic المنسوبة إلى العرب أو لغتهم .
وكان المثقفون آنذاك إما المتعرب Arabic أو أنسانوي Humanist وكانت المعركة الفكرية قائمة بينهم في بعض الأمور، وكانوا معفين في أمور أخرى فإن الثقافة العربية الإسلامية كانت تدعو للاستكشاف، ولقد مهدت الانسانوية الطريق أمام الإصلاح الدينى Refomation الذي بدأ سنة 1517 وأمام عصر النهضة الأوربية.
وبعض كبار الفنانين والعلماء كانوا في هذه الفترة. منهم ليوناردو دافتشي Leonardo de Vinci (1452- 1519) لعلاقته بالطب وكوبرنيكس Cofermicus (1473- 1543) وبعده جاليليو Galileo (1564- 1642 م) ومن المفيد الإشارة إلى ما كتبه أحد المؤرخين إذ قال: إن خير الأطباء الذي بإمكانه أن ينقل عن ) كبر عدد من المؤلفات وخاصة باللغات الكلاسيكية حيث إن معرفة الطبيب كانت معلقة بصفة رئيسية على معرفته بالكتب والشروح اليونانية والعربية، ولهذا فكل من كان يقرأ اليونانية أو العربية كان يعتبر طبيبا... وكان الوصول إلى اللغة العربية من دون شك أكبر من الوصول إلى اليونانية.
7- الخاتمة:
لقد كان انتشار المعرفة الطبية في أوربا وبريطانيا عاملا مهما في الحضارة الأوربية ذلك أن الأطباء كانوا عادة موسوعيين لهم اطلاع واسع على فروع كثيرة من المعرفة مما أدى إلى تأثير كبير خارج الطب. وحيث أن الطب يحتاج الأفراد والمجتمع لعلاقته بصحتهم وحياتهم فإن انتشاره وتأثيره يكون أكثر من العلوم الأخرى كالجبر والهندسة مثلا التي لا تتناول حياة الناس مباشرة.
إن الأطباء المسلمين لم يكونوا يهتمون بالطب فقط بل كانوا يشاركون في أمور كثيرة منها العلوم السائدة آنذاك والدراسات الدينية والفلسفة ، إن الاهتمام الواسع في أوربا بكتاب ابن رشد في الطب (الكليات) (Generalata) الذي ترجم إلى اللاتينية بعنوان Colliget) مع أن ابن رشد لم يكن ممارسا معتمدا للطب كان لهذا الاهتمام علاقة بفلسفته، فقد ترجم سكوت Scott من (1175- 1236 م) كتب ابن رشد بعد عشرين سنة من وفاته، ويبدوا قسما من الكتب ترجم أثناء حياته.
لقد كان ابن رشد المؤلف المعتمد في الفلسفة من جامعات إيطاليا وبادوا وباريس واكسفورد ، وكانت هذه الجامعات تسمى ابن رشديه Averroist) وحرمت الكنيسة فلسفته سنة 1277 م ولكن تأثيرها استمر بعد ذلك كثيرا.
ولابد من الإشارة هنا إلى ضرورة دراسة (فلسفة ابن رشد) كما ترجمت إلى اللغة اللاتينية وشرحت بها ومقارنتها مع فلسفة ابن رشد كما كتبت باللغة العربية حينما كان الفهم اللاتيني المسيحي مختلفا عن الفهم العربي الإسلامي .
وكان لكتابة فصل المقال تأثير في Thomas Acquinus توماس أكوانياس وآرائه.
إن النظرة الإسلامية للعلوم والطب والتسامح الديني الكبير، ووجود المناقشات الكثيرة بين الفقهاء المسلمين أنفسهم أدت إلى انفتاح الذهن الأوربي ومحاولة خروجه عن قيود الكنيسة في الأمور العلمية والطبية وعن الحدية dogmat-ism في الكتب اليونانية ومهدت السبيل أمام النظرة العلمية ومناقشات آراء الأقدمين ومناقشة بعضهم البعض في العلوم والفلسفة وغيرها، فكان ذلك عاملا مهما في تطور الحضارة الأوربية في عهد النهضة.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية