الثلاثاء، مارس 27، 2012

رائحة صفقة

::عـمـاد مـوسـى::

· أصيب نائب لبناني بزكام حاد، بعد أيام لاحظت زوجته المُحبّة الساهرة الحريصة كل الحرص على ألا تصيبه لفحة هواء بارد أو ساخن أن ما يخرج من منخاري زوجها نفط خام لزج فمنعت عنه التدخين كي لا يشتعل كخرقة أو كعلم عدو من دون ثورة.

· نائب آخر كانت زوجته تسأله من دون كلل أو ملل قبل تنويبه: متى نتخلص من هذا الفقر؟ صار نائباً وبقيت تسأل. بعد أشهر على انتهاء حرب تموز 2006 تغيّرت أحوال الزوج بفعل عمولات فتحوّلت أسئلتها إلى تذمر دائم: مللت السكن في هذه الشقة المقيتة في الرملة البيضاء (400 متر)... متى نشتري شقة مثل الناس؟

· نائب عريق يداه غير ملوثتين بمال غير نظيف. كل أمواله مغسولة.

· وزير ليس في يده صنعة ولم يمارس مهنة حرة ولم يرث عن أبيه "فدان أرض" ولم يشترِ ورقة ياناصيب كي ينسب إلى نفسه ثروة مستجدة. بات من أصحاب الملايين. أصحاب.

· وزير آخر تمكن في 7 أعوام من جني ثروات من عرق جبينه وإبداعه وذكائه وألمعيته وخبرته في الأرض. قبل تلك الفترة كانت سهوب عبقريته جدباء.

· إشترى إبن مسؤول كبير قبل أعوام أراض قبل شق أحد الأوتسترادات. خرج قانون الإستملاك بعد عملية الشراء. باع الأرض للدولة بأضعاف ما اشتراها. قد تكون العملية إشاعة لكن لا دخان بلا نار ولا حبل من دون جُماع.

قريب هذا المسؤول وكان "الطش" في المدرسة و"الطش" في الجامعة لكن الله وفّقه بوظيفة مدهنة ومربحة علماً لأنه لم يتقدم إليها بل هي تقدّمت إليه.

إنها عيّنات لا تحتاج إلى تعليق ولا إلى إخبار ومخبر ومواطن صالح ووثائق وتصريحات مالية تُقدم إلى المجلس الدستوري بطريقة آلية فروائح الصفقات تُشتم من مسافة 33 كيلومتراً وأبطالها دائماً نُخبٌ.

من صفقات التلزيمات التلفونية.

مروراً بفضيحة المازوت.

إلى الهبات الضائعة.

روائح الصفقات يشمها راكب الباص على خط طرابلس عين التينة ويتنشقها إبن الجنوب المتوجه إلى البقاع وابن جبل لبنان المستظل آخر سنديانة في قريته.
الروائح طالعة من بيئات ممانعة ومقاومة وفاسدة وشعبية و"كلاس".

وثمة روائح أقوى من عفونة أجبان مكتشفة حديثاً قرب زغرتا ومن زنخة أسماك تعرّضت للشمس والهواء في مزبلة مستحدثة في النبطيه الفوقا. ولسان حالها: أنا هنا.
ومن أدوية صالحة للقتل اكتُشفت في برميل في ببنين.

ومن لحوم مدوّرة في الطريق الجديدة وكذلك في جبيل والمروانية والغبيري.

ومن علكة مرمية في أحد مكبات صور وغير صالحة للعلك الصحي.

ومن حليب أطفال سيء السمعة وألبان "مزغولة".

ومن لا مركزية الروائح الكريهة.

ثمة رائحة فاحت من صفقة كادت أن تتم وفرطت. فتحطمت آمال وتكسرت أحلام على صخور الذوق.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية