كلام غيلاوري زاد الهم على قلب بري وهو ينظر الى البطء الذي تتخبط فيه حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي لم تشق طريق التعيينات وملء الشواغر في الوزارات والادارات.
بعد استماعه الى غيلاوري وما تقوم به حكومته، وقد أبدى استعدادا لتزويد لبنان الكهرباء عبر ايصالها أولا الى تركيا وبأسعار مشجعة، ردد بري: "امام مشهد جورجيا وتطورها لم يبق أمامنا إلا أن نبكي على أنفسنا".
لم يأت موقف رئيس المجلس هذا من فراغ، وبدت على وجهه أمس علامات الاستياء الواضحة من الشلل والتخبط الحكومي وعدم الالتفات الى قضايا المواطنين وحياتهم اليومية بالشكل المطلوب من الحكومات التي تسهر على حياة مواطنيها.
لا يعني هذا الكلام ان الجرّة انكسرت بين بري وميقاتي او انعدمت العلاقة الخاصة التي تربطهما.
وعلى رغم موافقة الحكومة في جلستها أول من أمس على مشروع هيئة ادارة قطاع البترول بضغط من بري، فانه لا يعتبر ان مجلس الوزراء في هذا القطاع وصل الى "النهايات النفطية السعيدة"، لأنه لا يزال يدعو ليل نهار الى تأليف أعضاء هذه الهيئة ووضع آلية المناقصات قبل نهاية آذار الجاري وطرحها امام الشركات التي أبدت استعدادها للدخول في هذه المناقصات.
ويوضح بري لـ"النهار" أنه اذا لم تقدم الحكومة على انجاز ما هو مطلوب منها في قطاع النفط فان مجلس النواب سيكون بالمرصاد، ولن يتلاعب بهذا المشروع الاقتصادي والوطني.
ويردد بالعامية وهو مستاء: “انا مش شغلتي احمي حدا".
وعند رئيس المجلس كم من الملاحظات على ملف التعيينات، وبعد مرور عشرة اشهر على تأليف الحكومة، يسأل "ماذا فعلت؟" وسبق له ان خاطب الرئيس ميقاتي أكثر من مرة: "ماذا تنتظرون؟ ولماذا لا تقدمون على ملء الشواغر في الادارات، والتي تصل الى حدود الـ60 في المئة". ويعرف رئيس المجلس ان ميقاتي لا يتحمل وحده "هذا البطء"، وما لم يعلنه هو ان خلافات رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون يتحملان المسؤولية أيضاً بسبب "حربهما الكونية" على موقع رئيس مجلس القضاء الأعلى.
ويعود بري في معرض حديثه الى السؤال عن اهمية التعيينات وضرورة انجازها قبل فوات الاوان، وخصوصا في المواقع القضائية ومع وجود الآلية التي تشرف عليها وزارة التنمية الادارية ومجلس الخدمة المدنية، مع الحفاظ على التوزيع الطائفي وعدم اقصاء احد.
ويقول: "اذا كانوا لا يريدون السير وفق هذه الآلية فهل المطلوب العودة الى الطريقة السابقة في التعيينات على قاعدة كل جهة تعين من تريد؟ نقول سمّوا الأكفأ في كل طائفة ولتعتمد الآلية الأخيرة التي وضعتها الحكومة، والا سنعود الى الوراء ونتفرج على انهيار المؤسسات".
ويسأل: "هل نحن في حارة كل مين ايدو إلو".
وتكر سبحة الاسئلة المستغربة عن الخفة في التعامل مع موقع رئيس مجلس القضاء الأعلى، ويؤكد بري انه فاتح الرئيس سليمان والعماد عون اكثر من مرة في الموضوع بغية طيه، وخصوصا ان المجلس العدلي لم يعد في استطاعته الاجتماع والمدعي العام التمييزي سيحال على التقاعد بعد شهرين.
وإذ يؤيد دعوة المحامين الى الاضراب، يقول: "لو كنت محامياً وأمارس المهمة لدعوت الى الاضراب المفتوح ورفعت الصوت في وجه المسؤولين. ولو كنت وزيراً للعدل لقدمت استقالتين وكان الله في عون الوزير الصديق شكيب قرطباوي".
ويعود الى التذكير بما حصل يوم كان وزيراً للعدل في عهد الرئيس امين الجميل: "كنت لا اتحدث معه في بعض الاحيان، وكلفت مجلس القضاء آنذاك القيام بكل المهمات المطلوبة منه، ووقّعت كل قراراته، وأتحدى ان يذكر اي قاض اني اتصلت به.
وما لم يعلنه بري ايضا ان خلاف سليمان وعون لم يعد مسموحا لان كلا منهما يتمسك باسم لرئاسة مجلس القضاء الاعلى. وثمة من اقترح عليه ان يجري سحب القرعة على اسمين او ثلاثة.
وبعد كل هذه السهام من عين التينة والمواجهة الى الحكومة، تسأل "النهار" هل انت منزعج من صديقك الرئيس ميقاتي وعدم انتاجية حكومته في التعيينات وغيرها من القضايا؟
يجيب: "الرئيس ميقاتي يعرف اذا كانت حكومته تعمل او لا، تربح او تخسر، واذا كانت تقدم هدايا مجانية الى المعارضة".
ويختم على طريقته البرقية برسالة من نوع "هل بدأ شغل الانتخابات؟ اخبروني".
"النهار"
0 comments:
إرسال تعليق