تحت عنوان "أقباط 2010" (1) كتب الصحفي عبد الناصر سلامة في جريدة الأهرام منتقدا ً القس شنودة لما جمع الجموع متسلحين بقنابل المولوتوف و حاصروا مبنى محافظة الجيزة .. لإرغام السلطات على القبول بمخالفة قانونية و هي تحويل مبنى خدمات إلى كنيسة بلا ترخيص من سلطة الحى.
كان الكاتب مؤدبا ً في طرحه و سرد الوقائع المعروفة و لكن يبدو أنه تخطى خطا ً أحمرا ً كان مجهولا ً لنا حتى هذه اللحظة ألا و هو "إنتقاد القس شنودة" في صحيفة رسمية !
كان من توابع هذا المقال أن اعتذر رئيس التحرير و منع عمود الصحفي بل و طُرد من الجريدة !!
و تذكرت الإتهام المشهور "معاداة السامية" ذلك السيف المشهور في وجه أي مثقف غربي إذا تجرأ و انتقد اليهودى أو اسرائيل أو الصهيونية..
في هذه الأحوال أي عند "معاداة السامية" أو انتقاد الشنودية" تختفي كل الدعاوى العلمانية التنويرية من طراز " الفكر لا يقابَل إلا بالفكر " أو " القلم يواجه بالقلم و ليس بالمنع أو الطرد " و يصبح المنع و الطرد هو الحل و يصمت التنويريون صمت الرضا !
كان ذلك إذن هو وجه الشبه الأول بين الحركة الشنودية و الحركة الصهيونية.
2- اللغة القبطية و اللغة العبرية
طالب عدد من المصريين الأرتودوكس غير مرة بإحلال اللغة العربية مكان اللغة القبطية في الصلوات و القداسات الكنسية .. و كان الرفض البات هو سيد الموقف ردا ً على تلك المطالبات .. و هو موقف غريب عجيب حقا ً إذ لا توجد أي قدسية مسيحية لهذه اللغة .. فلا المسيح عليه السلام كان يتكلم هذه اللغة و لا السيدة مريم عليها السلام و لا الحواريون .. و لا كتبت نصوص العهد الجديد بها .. فلا يوجد أي أساس علمي أو منطقي أو تاريخي لهذا التعنت .. إلا ..
إلا إذا كان القس شنودة يرى ما لا يراه عامة الناس !
يرى القس شنودة أن اللغة القبطية هوية عرقية يجب المحافظة عليها أما المد الإسلامي .. فلو استبدلت الصلوات باللغة العربية .. لضعفت تلك الهوية ضعفا شديدا ً .. و خصوصا ً أن لغة كتاب المسلمين هي العربية .. كما أن له في الإسرائيليين خير عبرة .. فقد أحيوا لغتهم العبرية الميتة و أصبحت لغة دولتهم الرسمية .. فلماذا لا يفعل مثلهم ..
علم القس شنودة أن الرابطة "الدينية" و حدها لا تكفي .. بل يجب مزجها بغراء الـ"عرقية و العصبية" أيضاً .. تماما ً مثل الصهيونية فهي ضفيرة من عرق "مزعوم" و دين !
و ذلك هو وجه الشبه الثانى بين الحركة الشنودية و الحركة الصهيونية.
3-أصحاب الأرض هنا و هناك
يؤمن القس شنودة أن أتباعه هم أصحاب الأرض الأصلاء أما الآخرين فهم دخلاء مزيفون أو أضعف الإيمان " ضيوف " كما قال تابعه القس بيشوي في تصريح شهير .. و غنى عن البيان أن الضيوف راحلون طال الزمن أو قصر .. راحلون بالطرد أم بالهجرة .. و هو ذات ما كان يتعلمه الصهاينة الصغار قبل انشاء دولة اسرائيل : أن اليهود هم أصحاب الأرض الأصلاء .. وأن الفلسطينيين هم دخلاء مزيفون أحفاد الغزاة العرب يجب أن يرحلوا إما بالطرد .. أو بجعل حياتهم كالجحيم فيهاجروا طواعية.
كما ترى الشنودية أيضا ً أن الشفرة الوراثية تتغير مع تغيير الدين .. فلو اعتنق أورتودكسيٌ الإسلام مثلا ً تتغير شفرته الوراثية (DNA) من شفرة الشعب القبطي الأصلي إلى الشفرة العربية المزيفة الغازية .. و يصبح ضيفا ً ثقيلا ً كما قال القس بيشوي وجب عليه الرحيل يوما ً ما !!!
إنه اللعب على حبل الدين و حبل العرق تماما كما تلعب الصهاينة على حبل السامية و على اليهودية معا ً.
4-إحتقار العرب
صرح القس توماس في محاضرة بأمريكا بمعهد "هدسون" (2) و هو أحد رجال القس شنودة بأن القبطي يشعر بالإهانة إذا نعت بالعربي(3).. من ناحية أخرى صرح أحد الحاخمات و يُدعى "يوسف عوفاديا" بأن العرب كالثعابين و أن الله أخطأ عندما خلقهم إذ قال: "ان ابناء اسماعيل جميعا أشرار وملعونون. وكلهم يكرهون "اسرائيل". ان الله العلي القدير يندم لأنه خلق أبناء اسماعيل هؤلاء. ومكتوب في التلمود ان الله يقول في كل يوم "ليتني لم أخلقهم" .. كما دعا لابادتهم ومحوهم عن وجه البسيطة تماما(4).
الفرق بين التصريحين هو فرق في الدرجة و ليس في النوع .. فلو قدر للأول أن يمتلك ذات القوة العسكرية التي يمتلكها الثاني لقال مثلما قال .. فاحتقار العرب هو أحد القواسم المشتركة بين الحركتين السياسيتين لا يراه إلا غافل أو متغافل.
5-أديرة أم مستوطنات (كيبوتز)
في مقالى السابق المعنون "الكنائس تغلق في الغرب .. و تنمو و تزدهر في الشرق الإسلامي" (5) ..أشرت إلى التحقيق الصحفي المهم الذي نشره الموقع الإسلامي لمقاومة التنصير.. و فيه يكشف عن المساحات الشاسعة التي استولت عليها الأديرة .. مساحات فلكية أُين منها مساحة الفاتيكان أو الحرم المكي .. فلا توجد على وجه الأرض مدن دينية مثل هذه المدن أو المحافظات في ضخامتها و اتساعها ..و هى مدن مبنية على غرار الكيبوتزات اليهودية التي كانت نواة الدولة الصهيونية عند نشأتها.
لنقف على ملمح مهم و خطير للغاية من ملامح التشابه أو قل التطابق بين الشنودية و الصهيونية.
6-تطابق الخطاب السياسي الشنودي و الصهيونى
مجدي خليل واحد من الكتاب المقربين من القس شنودة قال مستعديا ً و محرضاً الأمريكان على مسلمي مصر(6):
"الأقباط يواجهون نفس الإرهاب الذي واجهته الولايات المتحدة في 11 سبتمبر والذي واجهته لندن ومدريد وموسكو وبالي ومومباي وتل أبيب أيضا"، لكنه قال إن "الفارق أن الأقباط تعرضوا للإرهاب الإسلامي لعقود وعلى يد الدولة نفسها".. و هو ذات خطاب نتنياهو عندما ظهر في السى أن أن بعيد هجمات سبتمبر قائلا ً ما معناه أن ما تعرضت له أمريكا من إرهاب هو ما تتعرض له اسرائيل منذ خمسة عقود !
نلاحظ كيف يتعلم التلميذ من أستاذه فن المغالطة و خلط الأوراق و التلاعب بالرأي العام الغربي.
تيودور هرتزل مؤسس الصهيونية و القس شنودة : هل هناك فرق حقا ً
ربما يذكرنا البعض بحرب أكتوبر المجيدة و كيف تلاحم عنصرا الأمة في مواجهة العدو الصهيونى .. أحب أن أذكر هذا البعض الساذج أن أولئك الأبطال لم يكونوا شنوديين .. و لم يرضعوا من ثدي الشنودية .. فقد اعتلى القس شنودة رئاسة الكنيسة في1971و اندلعت الحرب في 1973 أى أن سنتين ليستا بكافيتين بطبيعة الحال لتنشأة و حقن الأتباع بما ذكرته آنفا ً.. فلو قامت حرب صريحة بين مصر و اسرائيل الآن لعلمنا في أي معسكر سيحارب أتباع القس شنودة !
نسى أتباع القس شنودة أو تناسوا أن المسيح عليه السلام كإخوانه الرسل و الأنبياء الكرام إنما أرسل لهدم الحواجز .. حواجز الإستعلاء و الإستكبار بين الناس .. و ليس لإقامة الحوائط الخرسانية و الأسوار الأسمنتية .. أو تهديد سلطات "القيصر" بقنابل المولوتوف !
نسوا أن هذا الرسول الكريم قد أرسل لبناء الإنسان و ليس لبناء الصلبان ..
ولكن .. على من تتلو مزاميرك يا داوود !!
كان ذلك إذن عن أوجه الشبه بين الحركة الشنودية و الحركة الصهيونية .. من حيث الأصول و الفروع .. الأفكار الإستراتيجية و الأساليب التكتيكية ..
أما فيما يخص أوجه الإختلاف فإني أعترف بعجزي عن الإتيان بوجه واحد .. فهل من معين !
___________________________
(1)
http://www.egyig.com/muntada/showthread.php?t=3583
(2)
http://www.hudson.org/index.cfm?fuseaction=hudson_upcoming_events&id=589
(3)
That’s why it leaves a big question mark. If you come to a Coptic person and tell him that he’s an Arab, that’s offensive.
http://www.hudson.org/files/documents/July18%20Bishop%20Thomas%20Transcript%20-%20Final.pdf
(4)
http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=34478&issueno=8169
(5)
http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?Action=&Preview=No&ArticleID=18235
(6)
http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=25732
0 comments:
إرسال تعليق