فترة تجريبيةفي السادس من كانون الثاني 2020 احتفلت وزيرة الطاقة والمياه السابقة ندى بستاني، بامتلاء بحيرة المسيلحة حتى ثلثها، أي بمقدار مليونين متر مكعب من المياه، وذلك ضمن "مرحلة الاختبار"، على طريق إكمال المشروع الذي "يحتاج ما بين سنة وسنتين لانهاء كافة الأعمال الاضافية المتبقية". وخلال الفترة التجريبية ستستفيد الأراضي الزراعية من المياه المجمّعة، في حين تُستَكمَل أعمال محطة التكرير. بحسب ما قالته بستاني في مؤتمر صحافي.بعد 20 يوماً من الاحتفال، اختفت مياه البحيرة. وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صورة تظهر امتلاء البحيرة وأخرى تظهرها فارغة. وقال نشطاء بيئيون ومهندسون، أن المياه تسرّبت إلى جوف الأرض، فالطبيعة الجغرافية للمنطقة لا تحتمل انشاء سد وبحيرة، لأن أرض البحيرة تشرب المياه ولا تحافظ عليها فوق مستوى السطح، وهو ما لم تقبله وزارة الطاقة قبل انشاء المشروع، حين أجرت دراساتها الخاصة، التي خلصت فيها إلى امكانية انشاء السد والبحيرة.
ولإنهاء السجال، بررت الوزارة إفراغ البحيرة بعدم اكتمال المشروع، فأعمال التجارب في السد والبحيرة "ما زالت تستكمل، وتنفيذ بعض الأشغال المكمّلة والتجارب الضرورية ما زالت مستمرّة لتاريخه". وأوضحت الوزارة في بيان أن المياه التي خزّنتها البحيرة، جرى إفراغها عمداً، وذلك جزء من العملية التجريبية "للتأكد من عدم وجود أية شوائب قد تتأتى عن أول عملية تعبئة للسد. وسوف تستمرّ هذه التجارب على مدى السنتين اللتين تليان الانتهاء من أعمال البناء".
الوزارة تتحدّى العِلملم تُحدد الوزارة في معرض دفاعها عن المشروع، أيّ تجارب ضرورية تجري حتى الآن. فوزيرة الطاقة السابقة كانت قد أعلنت أن المشروع سوف ينتهي في العام 2019 وستبدأ عملية تعبئة السد في فترة الشتاء. وها قد انقضى العام 2019 والوزارة تقول بأن أعمالاً إضافية لم تنتهِ بعد. وهذا ما يعني أن المشروع لم يُنفَذ كما يجب.
وربطت الحملة والحركة ما تشهده بحيرة المسيلحة بما شهده مشروع سد بريصا في الضنيّة، حيث فشل المشروع الذي نفّذته شركة BATCO، الشركة نفسها المتعهدة انشاء سد المسيلحة، والتي ادعى عليها (إلى جانب مجلس الإنماء والاعمار) النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، بشبهة هدر المال العام.
حجّة الوزارة لم تُقنع أهل الاختصاص الهندسي أيضاً. فتشير مصادر في نقابة المهندسين في حديث لـ"المدن"، إلى أن "تفريغ مليونين متر مكعب من المياه خلال 20 يوماً، لري أراضٍ زراعية، هو أمر مبالغ فيه. وإذا حصل أن فرغت البحيرة خلال هذه المدة، فيعني ذلك وجود خلل". وتساءلت المصادر عن سبب تفريغ المياه، فيما لو كانت النية التأكد من عدم وجود أي خلل في السد، "فهذه المهلة غير كافية للتأكد، كما أن التأكد يحتاج إلى ملء البحيرة كاملة ومحاولة تحميلها أكثر من طاقتها لمعرفة قدرة السد على الاحتمال. وبالتأكيد لا يصح الاكتفاء بثلث كمية المياه". وتطرح المصادر علامات استفهام حول "حجم الأراضي الزراعية التي افرغت فيها المياه، خاصة واننا اليوم لسنا في موسم الري".
مشاريع باسيليةتناقضات واضحة تحاول وزارة الطاقة تحدّي العِلم من خلالها. وكل ذلك خدمة لمشاريع الوزير باسيل، الذي عمل جاهداً للحصول على وزارة الطاقة كموقع دائم له، يحكمه تارة بشكل مباشر وتارة أخرى عبر ممثلين عنه، برتبة مستشارين، تُدفّع رواتبهم بطرق باتت مكشوفة. وهؤلاء مهمّتهم الدفاع عن المشاريع الباسيلية.
الحكم الرسمي والنهائي على مشروع المسيلحة لا يصح إلاّ بعد عدّة مطالعات وتحقيقات هندسية، وإن كانت بوادر نتائجها واضحة بالعين المجرّدة وبخبرة أبناء المنطقة ودراسات الجيولوجيين. لكن طرح التساؤلات وعدم الثقة بما تقوله وزارة الطاقة، ناجم عن النتائج التي حققتها مشاريع باسيل وممثليه ممّن تعاقبوا على الوزارة. وإذا كانت مشاريع الكهرباء وبعد ما تحقق في مشاريع السدود، هي باكورة انجازات باسيل وفريقه، فهنيئاً لأهل البترون مشروع بحيرة المسيلحة، وهنيئاً لخزينة الدولة هدر أموالها.
0 comments:
إرسال تعليق